وقد بين الله تعالى هذا الصراط المستقيم بقوله:{صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم وَلاَ الضالين} .
اختلف المفسرون في بيان: الذين أنعم اللهُ عليهم ،والمغضوبِ عليهم ،والضالِّين وكتبوا وطوّلوا في ذلك .وأحسن ما قيل في ذلك أن الآية دلّت على أن الناس ثلاث فرق:
الفرقة الأولى: أهل الطاعة{الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب وَيُقِيمُونَ الصلاة وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ والذين يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وبالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ أولئك على هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وأولئك هُمُ المفلحون} [ البقرة: 2-6] ،وهؤلاء هم الذين أنعم الله عليهم .
الفرقة الثانية: الكافرون:{سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} [ البقرة: 6-7] ،وهؤلاء هم أهل النقمة المغضوب عليهم .
الفرقة الثالثة: هم المنافقون الحائرون ،المترددون بين إيمانهم الظاهر وكفرهم الباطني{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضاً} [ البقرة: 10] فهم{ .. وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ قالوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [ البقرة: 14] .وهؤلاء هم الضالّون المتحيرون .
وقد فصّل الله تعالى هذه الفرق الثلاثة في أول سورة البقرة كما سيأتي إن شاء الله .
القراءات:
قرأ ابنُ كَثير برواية قنبل ،والكسائي عن طريق رويس «السراط » بالسين في الموضعَين ،وقرأ الباقون «الصراط » بالصاد ،وهي لغة قريش .