نقصّ عليك أيها الرسولَ خَبَر رحمتِنا لعبدِنا زكريا .
ذُكر زكريا في القرآن الكريم ثمان مرات: في سورة آل عمران ،والأنعام ،ومريم والأنبياء .ولم يذكر نسب زكريا في القرآن ولا في كتب الأنبياء عند أهل الكتاب .وكل ما هو معروف أنه من وَلَدِ سليمان بن داود ،وكان زوجاً لخالة مريم .وذكر في حديث المعراج أن زكريا ويحيى ابن خالةٍ ،وعلى هذا يكون ذلك تجوُّزا .
ويحيى بن زكريا عُرف عنه الصلاح وطلبُ العلم منذ صباه ،فكان يقضي أكثر أوقاته في البريّة يعيش على العسَل والجراد ،حتى حصل على رتبة عالية في الشريعة الموسوية ،وأصبح مرجعا مهما لكل من يَستفتي في أحكامها .{وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً} .
وكان يحيى على أكملِ أوصاف الصلاح والتقوى ،وقد نُبّىء قبل الثلاثين ،وكان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب ،وكان يُعَمِّدُهم في نهر الأردن للتوبة من الخطايا .وهو الذي عمَّدَ المسيح واسمه عندهم: يوحَنّا المَعْمَدان .
وكان حاكمُ فلسطين في زمنه: هيرودس ،وكانت له بنت أخٍ يقال لها: هيروديا ،كانت بارعةَ الجمال ،فأراد عمُّها أن يتزوجها .وكانت البنت موافقة وكذلك أمها ،غير أن يحيى لم يرضَ عن هذا الزواج لأنه محرَّم .فأخذت الأُم ابنتَها إلى مجلس عمِّها وجعلتها ترقص له ،وقالت لها: إذا عَرَضَ عليك شيئا فاطلبي رأس يحيى ،ففعلتْ .ووفّى لها عمّها الحاكمُ بذلك ..قتل يحيى وأحضر لها رأسه على طبق .وبعد أن قُتل يحيى أخذ المسيحُ يَجْهَرُ بدعوته ،وقام في الناس واعظاً .