وإذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنين ،قالوا: آمنا بما آمنتم به ،وصدّقنا الرسول وقبلنا دعوته ،نحن معكم .وإذا اجتمعوا بشياطين الكفر من إخوانهم الضالين ،قالوا لهم: نحن معكم ،إنما قلنا للمؤمنين ما علمتم استخفافاً بهم واستهزاء بعقولهم .
ولقد روي أن عبد الله بن أبيّ بن سلول ،رأسَ المنافقين ،كان مع أصحابه فقدِم عليهم جماعة من الصحابة .فقال عبد الله لقومه: انظروا كيف أردُّ هؤلاء السفهاء عنكم .فأخذ بيد أبي بكر وقال: مرحبا بالصدّيق ،سيد بني تيم ،وشيخ الإسلام ،وثاني رسول الله في الغار .ثم أخذ بيد عمر بن الخطاب فقال: مرحباً بسيد بني عديّ ،والفاروق ،القوي في دينه ،الباذل نفسه وماله لرسول الله .ثم أخذ بيد عليّ رضي الله عنه فقال: مرحبا بابن عم رسول الله ،وختَنِه ،سيد بني هاشم ما خلا رسول الله .
فنزلت هذه الآية .
هذا هو عبد الله بن أُبيّ الذي كان الأوسُ والخزرجُ في يثرب يريدون أن يتوّجوه ملكاً عليهم قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم .فلما تمت الهجرة وأسلم معظم الخزرج وجميع الأوس ،أُلغيت فكرة ملكيته ،فحقد عبد الله على الإسلام ،وحسد النبي صلى الله عليه وسلم على فضله ،لكنه عجز عن إظهار حنقه فنافق ،وأصبح يكيد للمسلمين سراً وإن جاهر بالإسلام زوراً .