ويكون هذا الإنفاق للفقراء الذين حبسوا أنفسهم للجهاد ،فشغَلهم ذلك عن الكسب من أي عمل ،أو لمن أصيب منهم بجراح أقعدته عن السعي في الأرض ،المتعففين عن السؤال ،حتى أن الجاهل بحالهم لَيحسبهم أغنياء من شدة تعففهم .ولأمثال هؤلاء علامة لا يعرفهم بها إلا المؤمن الذي يتحرى في إنفاقه عمن يستحقون ذلك .والله عليم بما تبذُلونه من معروف ،وسيجزيكم الله عليه الجزاء الأوفى .
قيل نزلت هذه الآية في أهل الصُّفة ،وكانوا أربعمائة رجل وقفوا أنفسهم للجهاد في سبيل الله .
وسؤال الناس من غير حاجة محرَّم ،وقد وردت عدة أحاديث في النهي عنه .ففي البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «ليس المسكين الذي يطوف على الناس ،ترده اللقمة واللقمتان ،والتمرة والتمرتان ،ولكن المسكينُ الذي لا يجد غنىً يغنيه ولا يُفطن له فيُتصدق عليه ،ولا يقوم فيسأل الناس » وروى أبو داود والترمذي عن عبد الله ابن عمر عن النبي أنه قال: «لا تحلُّ الصدقة لغني ولذي مِرّة سويّ » والمِرة: القوة .
القراءات:
قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة «يحسَبهم » بفتح السين والباقون «يحسِبهم » بكسرها .