الفاحشة والفحشاء: ما عظم قبحه من الأفعال .
بعد أن بيّن الله حالة الشياطين وأنهم قرناء للعاصين مسلَّطون عليهم ،ذكر هنا أثر ذلك التسلط ،وهو الطاعةُ لهم في أقبحِ الأشياء مع عدم شعورهم بذلك القبح .لذا فإنهم يقولون: إنّنا نقلّد آباءَنا والله أمَرَنا بذلك .
وسببُ ذلك أن العرب ما عدا قريشاً كانوا لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها من قبلُ ،ويقولون: لا نطوف في ثيابٍ عَصينا فيها .وكانت قريش فقط تطوف في ثيابها ،ومن أعاره قرشيُّ ثوباً طاف فيه ،ومن كان معه ثوبٌ جديد طاف فيه ثم يلقيه ،ومن لم يجد ثوباً طاف عريانَ .كان هذا مذهبهم ،رجالاً ونساءً ،فحرَّم ذلك الإسلام فقال:
{وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا والله أَمَرَنَا بِهَا} .
وإذا فعل الذين لا يؤمنون بالله عملا قبيحا لطوافهم في البيت عرايا ،وغير ذلك من الأمور الباطلة ،فلامهم الناس على ذلك ،قالوا وجدنا آباءَنا يفعلون كما نفعل ،ويسيرون على هذا المنهاج ،ونحن بهم مقتدون ،والله أمرنا به ورضي عنه حيث أقرّنا عليه .
وقد ردّ الله على ذلك بقوله:
{قُلْ إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بالفحشاء} قل أيها النبيّ ،منكِراً عليهم افتراءَهم: إن الله لا يأمر بهذه الأمور المنكَرة .
ثم ردّ عليهم أيضا بقوله:
{أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} أتنسِبون إلى الله ما لا تعلمون أنه شَرَعَه لعباده ،وليس عندكم دليل على صحة ما تقولون !!