ثم وجّه إليهم سؤال توبيخٍ وتأنيب:
أهؤلاء الذين حلفتم في الدنيا أن رحمة الله لن تنالهم !ها هم قد دخلوا الجنة ،وكانوا من الفائزين .
قال الله تعالى لأصحاب الأعراف بعد أن طال وقوفُهم ،وهم ينظرون إلى الفريقين: ادخُلوا الجنةَ لا خوف عليكم من أمر مستقبلكم ،ولا أنتم تحزنون على أمرٍ فاتكم .
وقد تكلم العلماء في هذا المقام كثيرا ،وتعدّدت الآراء فبعضهم قال: إن رجال الأعراف ملائكة ،وبعضهم قال إنهم الأنبياء ،أو عدول الأُمم الشهداءُ على الناس ،أو أهل الفترة ،أو هم الّذين تساوت حسناتُهم وسيئاتهم إلى غير ذلك من الأقوال .
والذي يجب أن نقفَ عنده هو أن هناك حجاباً بين الجنة ،والنار ،اللهُ أعلمُ بحقيقته ،لأنه في عالم الآخرة .والمقصودُ أن ذلك الحجاب يحجِز بين الفريقين ،لكنّه لا يمنع من وصول الأصوات .وأن هناك مكاناً له صفةُ الامتياز والعلوّ ،فيه رجال لهم من المكانة ما يجعلهم مشرِفين على هؤلاءِ .وهم ينادون كلّ فريقٍ بما يناسبه ..يحيُّون أهل الجنة ،ويبِكّتُون أهل النار .ثم إن أصحاب هذا الحجاب يدخلون الجنة برحمة من الله وفضله .