تعليق على جملة
{والله فضل بعضكم على بعض في الرزق}
والمتبادر أن هذه الجملة ليست في معنى تأبيد هذا الفرق ،ولا في معنى أن هذا التفضيل اختصاص رباني لفريق دون فريق ،وإنما هي تقرير لواقع الأمر بدليل أن سعة الرزق وضيقه في تبدل وتنقل دائمين ،وأن كثيرا ما يكون من هو موسع الرزق في يوم مضيقا عليه أو على ذريته في يوم ،ومن هو ضيق الرزق في يوم موسعا عليه وعلى ذريته في يوم مما هو مقتضى سنة الله في الناس وظروف الحياة والعمل ،وتفاوت الناس المتبدل المتحول دائما في المواهب والنشاط والسعي .
أرذل العمر
ولقد روى الطبري عن علي بن أبي طالب في جملة{ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} ،أن أرذل العمر خمس وسبعون سنة .وإذا صح هذا القول ،فإنه يكون من قبيل الاجتهاد المتصل بظروف المعيشة في ذلك الوقت .والوصف الذي جاء بعد هذه الجملة ،{لكي لا يعلم بعد علم شيئا} ،هو المحكم الذي يعني أن أرذل العمر هو الذي يكون الشيخ فيه قد ضعفت قواه العقلية بنوع خاص ضعفا شديدا .ولقد روى البخاري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: ( أعوذ بك من البخل والكسل ،وأرذل العمر ،وعذاب القبر ،وفتنة الدجال ،وفتنة المحيا والممات ){[1271]} .وإننا لنعوذ بالله بدورنا مما استعاذ به رسول الله صلى الله عليه وسلم .