يقول تعالى ذكره:والله أيها الناس فضّل بعضكم على بعض في الرزق الذي رزقكم في الدنيا، فما الذين فضَّلهم الله على غيرهم بما رزقهم ( بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) يقول:بمشركي مماليكِهم فيما رزقهم من الأموال والأزواج.( فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ ) يقول:حتى يستووا هم في ذلك وعبيدهم، يقول تعالى ذكره:فهم لا يرضَون بأن يكونوا هم ومماليكهم فيما رزقتهم سواء، وقد جعلوا عبيدي شركائي في ملكي وسلطاني ، وهذا مَثَل ضربه الله تعالى ذكره للمشركين بالله. وقيل:إنما عنى بذلك الذين قالوا:إن المسيح ابن الله من النصارى. وقوله ( أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) يقول تعالى ذكره:أفبنعمة الله التي أنعمها على هؤلاء المشركين من الرزق الذي رزقهم في الدنيا يجحدون بإشراكهم غير الله من خلقه في ، سلطانه ومُلكه؟
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
* حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) يقول:لم يكونوا يشركون عبيدهم في أموالهم ونسائهم، فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني؟ فذلك قوله ( أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ).
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:قال ابن عباس:هذه الآية في شأن عيسى ابن مريم، يعني بذلك نفسه، إنما عيسى عبد، فيقول الله:والله ما تشركون عبيدكم في الذي لكم فتكونوا أنتم وهم سواء، فكيف ترضَون لي بما لا ترضون لأنفسكم .
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن ، قال:ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال:ثنا إسحاق، قال:ثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) قال:مثل آلهة الباطل مع الله تعالى ذكره.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) وهذا مثل ضربه الله، فهل منكم من أحد شارك مملوكه في زوجته وفي فراشه فتعدلون بالله خلقه وعباده ، فإن لم ترض لنفسك هذا، فالله أحقّ أن ينـزه منه من نفسك، ولا تعدل بالله أحدا من عباده وخلقه.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال:ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) قال:هذا الذي فضل في المال والولد، لا يشرك عبده في ماله وزوجته ، يقول:قد رضيت بذلك لله ولم ترض به لنفسك، فجعلت لله شريكا في ملكه وخلقه.