{ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ( 116 )} .
الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، فإنه يترتب على ما ذكر من خلق الإنسان والكون كله أن يكون في علو لا يتسامى إليه أحد في الوجود ، وقد وصفه سبحانه بصفات خمس هي لا تكون إلا له سبحانه ، إذ هو كامل الوجود ، وتلك صفات كامل الوجود ، وليست إلا له:
الأولىأنه سبحانه له وحده الملك والسلطان ، ولا سلطان فوق رب العالمين .
والصفة الثانيةأنه الحق الثابت الدائم ، الذي لا ثبات لغيره ، وملكه قائم على الحق والعدل ، لأنه قام على كونه خالق الوجود كله ، وهو ربه ، فهو الملك وهو الحق ، وهو قائم على دعائم الحق ، ويحكمه سبحانه وتعالى بالعدل .
والصفة الثالثةأنه هو الله وحده فلا إله غيره ؛ سبحانه وتعالى ؛ لأنه إذا كان الخالق وحده ، وله الملك وحده ، فهو الإله وحده ، وقد أشرنا من قبل إلى أن العرب كانوا يعترفون بأن الله وحده خالق كل شيء وأنه واحد في ذاته وصفاته ، ولكن عند العبادة يعبدون الأوثان ، فالله سبحانه يبين أن الخلق ووحدة الذات توجبان وحدة الألوهية .
الصفة الرابعةأنه رب العرش ، أي صاحب السلطان وحده في الدنيا والآخرة فلا سلطان لشخص أو حجر ، إنما السلطان له وحده في الدنيا والآخرة .
الصفة الخامسةأنه الكريم الذي فاض بنعمه الظاهرة والباطنة على الوجود كله ، ويغفر ويرحم ، والذي يقبل التوبة عن عباده ، كما قال عز من قائل:{ وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ( 82 )} [ طه] .