/م112
116 - فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ .
تعالى الله: ترفع الله بذاته وتنزه .
الملك الحق: المالك الثابت الملك دون سواه .
العرش: العرش قي اللغة: سرير الملك ،ويكنى به عن العز والسلطان ،والعرش كائن عظيم يحيط بالكون ،وتصدر من جهته أوامر الله تعالى إلى ملائكته دون أن يكون الله فيه ؛لاستحالة أن يكون لله مكان .قال المراغي: العرش مركز تدبير العالم .
الكريم: الشريف ،وكل ما كرم في جنسه يوصف بالكرم مثل: وزروع ومقام كريم .( الدخان: 26 ) .وقوله تعالى: وقل لهما قولا كريما .( الإسراء: 23 ) .
فتنزه الله بذاته عن خلو أفعاله عن الحكم والمصالح الحميدة فهو سبحانه حكيم في أفعاله ،وكل عاقل لا يعمل عملا إلا لحكمة ،ومن باب أولى الله المتصف بكل كمال والمنزه عن كل نقص ،فهو الملك الحق ذو الملك والملكوت الذي لا يفنى ملكه ،وهو الإله الحق الواحد الأحد الفرد الصمد ،وهو الذي لا يفنى والإنس والجن يموتون ،وهو سبحانه مالك العرش العظيم في مكانته وشرفه .
قال ابن كثير:
فذكر العرش لأنه سقف جميع المخلوقات ،ووصفه بأنه كريم ،أي: حسن المنظر بهي الشكل ،كما قال تعالى: فأنبتنا فيها من كل زوج كريم .( لقمان: 10 ) .وكانت آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز ،أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس ،إنكم لم تخلقوا عبثا ،ولن تتركوا سدى ،وإن لكم معادا ينزل ،الله فيه للحكم بينكم ،والفصل بينكم ،فخاب وخسر وشقى عبد أخرجه الله من رحمته ،وحرم جنة عرضها السماوات والأرض ،ألم تعلموا أنه لا يأمن من عذاب الله غدا إلا من حذر هذا اليوم وخافه ،وباع نافدا بباق ،وقليلا بكثير ،وخوفا بأمان ،ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين ،وسيكون من بعدكم الباقين ،حتى تردوا إلى خير الوارثين ؟ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل ،قد قضى نحبه ،وانقضى أجله ،حتى تغيبوه في صدع من الأرض ،في بطن صدع غير ممهد ولا موسد ،قد فارق الأحباب ،وباشر التراب ،وواجه الحساب ،مرتهن بعمله ،غنى عما ترك ،فقير إلى ما قدم ،فاتقوا الله عباد الله ،قبل انقضاء مواثيقه ،ونزول الموت بكم ،ثم جعل طرف ردائه على وجهه ،فبكى وأبكى من حولهxxxiv .
وروى أبو نعيم ،عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ،عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سرية ،وأمرنا أن نقول إذا نحن أمسينا وأصبحنا: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ .قال: فقرأناها فغنمنا وسلمناxxxv .