{ وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا} هذا النص الكريم ورد في الأقارب الذين لا ميراث لهم كما قال أكثر المفسرين ، ولكن القارئ للنص يرى انه أوسع شمولا ؛ لأنه يشمل المساكين واليتامى بإطلاق ، وإن لم يكونوا أولى قربى ، والمساكين هم الفقراء الذين أسكنتهم الحاجة وأذلتهم ، وليس المراد من حضورهم أن يكونوا مشاهدين للقسمة ؛ لأن قسمة الموال لا تكون عادة في حضرة هؤلاء الضعفاء ، وإنما المراد العلم بهم من مقسمي التركة علم حضور ومعاينة ، ومعنى الرزق إعطاؤهم مالا ينفقون منه ، ويسدون منه حاجاتهم بحيث لا يكونون أثرياء . والمر في قوله تعالى:{ فارزقوهم} . قال بعض التابعين:إنه للندب ، فعلى الورثة أن يرضخوا{[674]} مقدارا من المال ندبا ، وحجة هؤلاء في أن الطلب للندب انه غير مقدر ، والفرض الذي يكون لازما من المال لا بد ان يكون مقدرا ، وقد كان الصحابة يفعلون ذلك ، حتى غنه يروى ان عبد الله بن عبد الرحمن بن ابي بكر قسم ميراث أبيه ، وأم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – على قيد الحياة ، فلم يدع في الدار أحدا إلا اعطاه .
وقال بعض التابعين:عن ذلك واجب ، وهو للقرابة الفقيرة واليتامى والمساكين في التركات ، فهو ثابت كثبوت حق الورثة ، ولا يزيد احدهما على الآخر ، وعدم التقدير فيه ليس إجمالا ، بل ترك الأمر فيه إلى الورثة ، وغلى القاضي الذي يقوم على تنفيذ التركات ، وقد ادعى بعض التابعين نسخ الوجوب في الآية فرد قوله سعيد بن جبير ، فقال:"إن ناسا يقولون نسخت ، والله ما نسخت ، ولكنها مما تهاون به الناس".
وإن الذين قرروا ان الأمر للوجوب قصروا العطاء على ( النقود ) وما يشبهها كالقمح ونحوه دون العقار ، وقد روى ان الحسن والنخعي قالا:[ أدركنا الناس وهم يقسمون على القرابات واليتامى والمساكين من العين( أي الذهب والفضة ) فإذا قسم الذهب والفضة وصارت القسمة إلى الأرضين والرقيق – قالوا لهم قولا معروفا] .
وقد قرر من الفقهاء وجوب العطاء – الظاهرية ، فقالوا يجب إعطاء هؤلاء من التركة مقدارا يتناسب مع حال الورثة وحال هؤلاء ومقدار التركة ، ويقدره القضاء .
والقول المعروف مطلوب:وهو القول الذي لا يخدش الكرامة ، وليس فيه منة العطاء ، وقد فيه الزمخشري( وان يلطفوا لهم القول ، ويقولوا خذوا بارك الله عليكم ، ويعتذروا إليهم ، ويستقلوا ما أعطوهم ، ولا يستكثروه ولا يمنوا عليهم ) .