{وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا}
المفردات:
أولوا القربى: أصحاب القرابة غير الوارثين .
فارزقوهم منه: فأعطوهم من المال الموروث .
التفسير:
8-{وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} .ممن لا نصيب لهم في الميراث واليتامى الذين فقدوا العائل والنصير ،والمساكين الذين أسكنتهم الحاجة وأذلتهم وصاروا في حاجة إلى العون والمساعدة .
{فارزقوهم منه} .أي فأعطوهم من الميراث الذي تقتسمونه ،شيئا يعينهم على سد حاجتهم ،وتفريج ضائقتهم .
{وقولوا لهم قولا معروفا} .أي قولا لينا جميلا مثل: وددنا لو أعطيناكم أكثر من هذا ومن القول المعروف دعاؤكم لهم بالبركة وعدم منكم عليهم .
وليس المراد من حضور ذوي القربى واليتامى والمساكين .أن يكونوا شاهدين للقسمة ،جالسين مع الورثة لأن قسمة الأموال لا تكون عادة عند حضور هؤلاء الضعفاء ،وإنما المراد من حضورهم العلم بهم من جانب الذين يقتسمون التركة والدراية بأحوالهم ،وأنهم في حاجة إلى العون والمساعدة .
ويتعلق بهذه الآية ما يأتي:
1- يرى بعض العلماء أنه للوجوب ،لأنه هو المستفاد من ظاهر الأمر ،ويرى كثير من العلماء أن هذا الأمر بالإعطاء للندب لا للوجوب ،وأنه هذا الندب إنما يحصل إذا كان الورثة كبارا ،وأما إذا كانوا صغارا فليس على أوليائهم إلا قول المعروف .
وقد رجح القرطبي كون الأمر للندب لا للوجوب ،( وجمهور فقهاء الأمصار على أن هذا الإعطاء على سبيل الاستحباب ) 27 .
2- هل هذه الآية منسوخة أم محكمة ؟
من العلماء من قال: إن هذه الآية قد نسخت بآية المواريث التي بعدها ،وهي قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم ...
فجعل الله لكل إنسان نصيبه مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو أكثر ،وهذا مذهب جمهور الفقهاء والأئمة الأربعة28 .
ومن العلماء من ذهب إلى أن هذه الآية محكمة وليست بمنسوخة ،وفي البخاري عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: هي محكمة وليست بمنسوخة29 .
وفي تفسير القرطبي عن ابن عباس قال: إن ناسا يزعمون أن هذه الآية قد نسخت لا والله ما نسخت ولكنها مما تهاونبه الناس30 .
وعن الحسن كانوا يعطون التابوت والأواني ،ورث الثياب ،والمتاع الذي يستحيي من قسمته .
وعن يحيى بن يعمر31 ثلاث آيات محكمات تركهن الناس32 هذه الآية وآية الاستئذان:{يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت إيمانكم والذين لم يبلغوا منكم الحلم ثلاث مرات ...} ( النور 58 ) .
وقوله تعالى:{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ..} ( الحجرات 13 ) .
ومن المفسرين من رجح أن هذه الآية لا تعارض بينها وبين آية المواريث ،لان هذه الآية إنما تأمر بما يؤدي إلى التعاطف والتراحم بين الناس ،وهذا أمر لا ينسخ ،بل هو ثابت في كل زمان ومكان .
ثم إن هذه الآية الأمر فيها على سبيل الندب والاستحباب ،لا على سبيل الفرض والإيجاب33 .