قوله تعالى:{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ} الآية .
بين الله تعالى في هذه الآية الكريمة لنبيه صلى الله عليه وسلم ،إنه إما أن يريه في حياته بعض ما يعد الكفار من النكال والانتقام ،أو يتوفاه قبل ذلك ،فمرجعهم إليه جل وعلا لا يفوته شيء مما يريد أن يفعله بهم لكمال قدرته عليهم ،ونفوذ مشيئته جل وعلا فيهم ،وبين هذا المعنى أيضاً في مواضع أخر ،كقوله في سورة «المؤمن »:{فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [ غافر: 77] ،وقوله في «الزخرف »:{فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ} [ الزخرف: 41 -42] إلى غير ذلك من الآيات .
تنبيه
لم يأت في القرآن العظيم فعل المضارع بعد إن الشرطية المدغمة في ما المزيدة لتوكيد الشرط ،إلا مقترناً بنون التوكيد الثقيلة ،كقوله هنا:{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ} [ يونس: 46]:{فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ} [ الزخرف: 41] الآية:{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ} [ الأنفال: 57] الآية:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ} [ الأنفال: 58] الآية .
ولذلك زعم بعض العلماء العربية وجوب اقتران المضارع بالنون المذكورة في الحال المذكورة ،والحق أن عدم اقترانه بها جائز ،كقول الشاعر:
فإما تريني ولي لمة *** فإن الحوادث أودى بها
وقول الآخر:
زعمت تماضر أنني إما أمت *** يسدد أبينوها الأصاغر خلتي