قوله تعالى:{وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار حلفوا جهد أيمانهمأي اجتهدوا في الحلفوغلظوا الأيمان على أن الله لا يبعث من يموت .وكذبهم الله جل وعلا في ذلك بقوله:{بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} ،وكرر في آيات كثيرة هذا المعنى المذكور هنا من إنكارهم للبعث وتكذيبه لهم في ذلك ،كقوله:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَى وَرَبِّى لَتُبْعَثُنَّ} [ التغابن: 7] الآية ،وقوله:{كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [ يوسف: 104] ،وقوله:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحي الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [ يس:79] ،وقوله:{فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [ الإسراء:51] والآيات بمثل هذا كثيرة جداً .
وقوله:{بَلَى} نفي لنفيهم البعث كما قدمنا .وقوله:{وَعْداً} مصدر مؤكد لما دلت عليه «بلى » ؛لأن «بلى » تدل على نفي قولهم: لا يبعث الله من يموت .ونفي هذا النفي إثبات ،معناه: لتبعثن .وهذا البعث المدلول على إثباته بلفظة «بلى » فيه معنى وعد الله بأنه سيكون .فقوله:{وَعْداً} مؤكد له .وقوله:{حَقّاً} مصدر أيضاً ؛أي وعد الله بذلك وعداً ،وحقه حقاً ،وهو مؤكد أيضاً لما دلت «بلى » .