قوله تعالى:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَاهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} .
بين الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة ثلاث مسائل:
الأولى: أنه لم يتخذ ولداً سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً .
الثانية: أنه لم يكن معه إله آخر سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً .
والثالثة: أنه أقام البرهان على استحالة تعدد الآلهة بقوله:{إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَاهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} أما ادعاؤهم له الأولاد ،فقد بينا الآيات الدالة على عظم فريتهم في ذلك ،وظهور بطلان دعواهم ،ورد الله عليهم في ذلك مواضع متعددة ،فقد أوضحناه في سورة النحل في الكلام ،على قوله تعالى:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بالأنثى} [ النحل:57-58] .وذكرنا طرفاً منه في أول الكهف في الكلام على قوله:{وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} [ الكهف:4] وفي مواضع غير ما ذكر ،فأغنى ذلك عن إعادته .
وأما تفرده تعالى بالألوهية مع إقامة الدليل على ذلك فقد بيناه ،وذكرنا ما يدل عليه من الآيات في سورة بني إسرائيل ،في الكلام على قوله تعالى:{قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ ءَالِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} [ الإسراء:42] ولم نتعرض لما يسميه المتكلمون دليل التمانع ،لكثرة المناقشات الواردة على أهل الكلام فيه ،وإنما بينا الآيات ،بالقرآن على طريق الاستدلال القرآني بها فأغنى ذلك عن إعادته هنا .