وإنكار هذا عليهم وتوبيخهم عليه جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله هنا{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَانِ مَثَلاً} [ الزخرف: 17] يعني الأنثى ،كما أوضحه بقوله:{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بالأنثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [ النحل: 58] يعني فكيف تجعلون لله الإناث وأنتم لو بشر الواحد منكم بأن امرأته ولدت أنثى لظل وجهه مسوداً يعني من الكآبة وهو كظيم أي ممتلئ حزناً وغماً ،وكقوله تعالى هنا{أَوَمَن يُنَشَّأُ في الْحِلْيَةِ وَهُوَ في الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [ الزخرف: 18] ففيه إنكار شديد وتقريع عظيم لهم بأنهم مع افترائهم عليه جل وعلا الولد جعلوا له أنقص الولدين الذي لنقصه الخلقي ،ينشأ في الحلية من الحلي والحلل وأنواع الزينة ،من صغره إلى كبره ليجبر بتلك الزينة نقصه الخلقي الطبيعي ،وهو في الخصام غير مبين ،لأن الأنثى غالباً لا تقدر على القيام بحجتها ولا الدفاع عن نفسها .
وقد أوضحنا هذا المعنى بشواهده العربية غاية الإيضاح في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يِهْدِى للتي هي أَقْوَمُ} [ الإسراء: 9] وكقوله تعالى:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ} [ النحل: 57] .وقوله تعالى:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} [ النحل: 62] .وقوله تعالى:{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا} [ الإسراء: 40] وقوله تعالى{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} [ النجم: 21 -22] .
وقوله تعالى:{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ مَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [ الصافات: 149-157] .
وقد قدمنا كثيراً من الآيات الموضحة لهذا المعنى في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ} [ النحل: 57] ووجه التعبير عن الأنثى بما ضرب مثلاً الله في قوله:{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَانِ مَثَلاً} [ الزخرف: 17] الآية ظاهر ،لأن البنات المزعومة يلزم ادعاءها أن تكون من جنس من نسبت إليه ،لأن الوالد والولد من جنس واحد ،وكلاهما يشبه الآخر في صفاته .