قوله تعالى:{وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَانِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُون َوَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الحياة الدُّنْيَا والآخرة عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} .
قوله لبيوتهم ،في الموضعين ،قرأه ورش وأبو عمرو وحفص ،عن عاصم ،بضم الباء على الأصل .
وقرأه قالون ،عن نافع وابن كثير ،وابن عامر ،وحمزة والكسائي ،وشعبة عن عاصم{لِبُيُوتِهِمْ} بكسر الباء لمجانسة الكسرة للياء .
وقوله سقفاً: قرأه نافع ،وابن عامر ،وحمزة ،والكسائي ،وعاصم ،سقفاً بضمتين ،على الجمع .
وقرأه ابن كثير وأبو عمرو{سَقْفاً} بفتح السين وإسكان القاف على الإفراد المراد به الجمع .
وقوله:{وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الحياة الدنيا} قرأه نافع وابن كثير ،وابن عامر ،في رواية ابن ذكوان ،وإحدى الروايتين عن هشام وأبي عمرو والكسائي{لَمَّا مَتَاعُ الحياة الدُّنْيَا} بتخفيف الميم من لما .
وقرأه عاصم ،وحمزة وهشام ،عن ابن عامر ،وفي إحدى الروايتين{لَمَّا مَتَاعُ الحياة الدُّنْيَا} بتشديد الميم من لما .
ومعنى الآية الكريمة ،أن الله لما بين حقارة الدنيا ،وعظم شأن الآخرة في قوله:{وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [ الزخرف: 32] .
أتبع ذلك ببيان شدة حقارتها ،وأنه جعلها مشتركة ،بين المؤمنين ،والكافرين وجعل ما في الآخرة من النعيم خاصاً بالمؤمنين ،دون الكافرين وبين حكمته في اشتراك المؤمن مع الكافر ،في نعيم الدنيا بقوله:{وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي لولا كراهتنا لكون جميع الناس أمة واحدة ،متفقة على الكفر ،لأعطينا زخارف الدنيا كلها للكفار .
ولكننا لعلمنا ،بشدة ميل القلوب إلى زهرة الحياة الدنيا ،وحبها لها لو أعطينا ذلك كله للكفار ،لحملت الرغبة في الدنيا جميع الناس على أن يكونوا كفاراً ،فجعلنا في كل من الكافرين والمؤمنين غنياً وفقيراً ،وأشركنا بينهم في الحياة الدنيا .