قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ} .قال بعض أهل العلم: معنى{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ}: ألم ينته علمك إلى الذين تولوا .
وقد قدمنا الرد على من قال: إن لفظة{أَلَمْ تَرَ} لا تعدى إلا بحرف الجر الذي هو إلى ،ولا تتعدى بنفسها إلى المفعول ،وبينا أن ذلك وإن كان هو الذي في القرآن في جميع المواضع فإن تعديتها إلى المفعول بنفسها صحيحة .
ومن شواهد ذلك قول امرىء القيس:
ألم ترياني كلما جئت طارقا *** وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
والمراد إنكار الله على المنافقين توليهم القوم الذين غضب الله عليهم ،وهم اليهود والكفار .وهذا الإنكار يدل على شدة منع ذلك التولي ،وقد صرح الله بالنهي عن ذلك في قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} ،وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون المنافقين ليسوا من المؤمنين ،ولا من القوم الذين تولوهم وهم الذين غضب الله عليهم من اليهود ،جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}إلى قولهمُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لاَ إِلَى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء}[ النساء: 142 – 143] .