التّفسير:
حزب الشيطان:
هذه الآيات تفضح قسماً من تآمر المنافقين وتعرض صفاتهم للمسلمين ،وذكرها بعد آيات النجوى يوضّح لنا أنّ قسماً ممّن ناجوا الرّسول كانوا من المنافقين ،حيث كانوا بهذا العمل يظهرون قربهم للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويتستّرون على مؤامراتهم ،وهذا ما سبّب أن يتعامل القرآن مع هذه الحالة بصورة عامّة .
يقول تعالى في البداية: ( ألم تر إلى الذين تولّوا قوماً غضب الله عليهم ) .
هؤلاء القوم الذين «غضب الله عليهم » كانوا من اليهود ظاهراً كما عرّفتهم الآية ( 60 ) من سورة المائدة بهذا العنوان حيث يقول تعالى:{قل هل أنبئكم بشرٍّ من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه}{[5165]} .ثمّ يضيف تعالى:{ما هم منكم ولا هم منهم} ،فهم ليسوا أعوانكم في المصاعب والمشاكل ،ولا أصدقاءكم وممّن يكنون لكم الودّ والإخلاص ،إنّهم منافقون يغيّرون وجوههم كلّ يوم ويظهرون كلّ لحظة لكم بصورة جديدة .
وطبيعي أنّ هذا التعبير لا يتنافى مع قوله تعالى:{ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم}{[5166]} ،لأنّ المقصود هناك أنّهم بحكم أعدائكم ،بالرغم من أنّهم في الحقيقة ليسوا منهم .
ويضيفأيضاًواستمرارا لهذا الحديث أنّ هؤلاء ومن أجل إثبات وفائهم لكم فإنهم يقسمون بالأيمان المغلّظة:{ويحلفون على الكذب وهم يعلمون}،وهذه طريقة المنافقين ،فيقومون بتغطية أعمالهم المنفّرة ووجوههم القبيحة بواسطة الأيمان الكاذبة والحلف الباطل ،في الوقت الذي تكون أعمالهم خير كاشف لحقيقتهم .