قوله تعالى:{يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ 19} .
أي لشدة هوله وضعف الخلائق ،كما تقدم في قوله تعالى:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ 34 وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ 35} ،وقوله:{لِكُلِّ امرئ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ 37} .
ولحديث الشفاعة:"كل نبي يقول: نفس نفسي ،إلى أن تنتهي إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها ".
وحديث فاطمة:"اعملي ....".
وقوله تعالى:{مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} ،ونحو ذلك .
وقوله:{وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ 19} ،ظاهر هذه الآية تقييد الأمر بالظرف المذكور ،ولكن الأمر لله في ذلك اليوم ،وقيل ذلك اليوم ،كما في قوله تعالى:{لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} .
وقوله:{أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} ،أي يتصرف في خلقه بما يشاء من أمره لا يشركه أحد ،كما لا يشركه أحد في خلقه .
ولذا قال لرسوله صلى الله عليه وسلم:{قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ} .
وقال:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شيْءٌ} ونحو ذلك .
ولكن جاء الظرف هنا لزيادة تأكيد ،لأنه قد يكون في الدنيا لبعض الناس بعض الأوامر ،كما في مثل قوله تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاََةِ} .
وقوله:{أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} .
وقوله:{فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ 97} ،وهي كلها في الواقع أوامر نسبية .وما تشاءون إلا أن يشاء الله .
ولكن يوم القيامة حقيقة الأمر كله ،والملك كله لله تعالى وحده ،لقوله تعالى:{لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} .
فلا أمر مع أمره ،ولا متقدم عليه حتى ولا بكلمة ،إلاَّ من أذن له الرحمن وقال صواباً ،وهو كقوله:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} ،مع أن هنا في الدنيا ملوكاً ،كما في قصة يوسف ،{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} .
وفي قصة الخضر وموسى{أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ} .
أما يوم القيامة فيكونون كما قال تعالى:{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} .
وكقوله:{هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} ،فقد ذهب كل سلطان وكل ملك ،والملك يومئذ لله الواحد القهار .