وينتقل البيان القرآني للتعبير عن إحدى خصائص ذلك اليوم ،وبجملة وجيزة ،لكنها متضمّنة لحقائق ومعان كثيرة: ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ للّه ) .
فستتجلّى حقيقة أنّ كلّ شيء في هذا العالم هو بيد اللّه العزيز القهّار ،وستبان حقيقة حاكمية اللّه المطلقة ومالكيته على كلّ مَنْ تنكر لهذه الحقيقة الحقّة ،وستنعدم تلك التصورات الساذجة التي حكمت أذهان المغفلين بكون فلان أميراً ورئيساً أو حاكماً ،وسينهار اُولئك البسطاء الذين اعتبروا أنْ قدراتهم مستقلة بعد أنْ أكل الغرور نفوسهم وتكالب التكبر على تصرفاتهم في الحياة الدنيا الفانية .
وتشهد على الحقيقةبالإضافة إلى الآية المذكورةالآية ( 16 ) من سورة المؤمن حيث تقول: ( لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار ) .
وتشير الآية ( 37 ) من سورة عبس إلى انشغال الإنسان بنفسه في ذلك اليوم دون كلّ الأشياء الاُخرى ،ولو قُدّر أنْ يُمنَح قدراً معيناً من القدرة ،لما نفع بها أحد دون نفسه !،حيث تقول الآية: ( لكلّ اُمريءً منهم يومئذ شأن يغنيه ) .
حتّى روي عن الإمام الباقر( عليه السلام ) ،أنّه تناول ذلك الموقف بقوله: «إنّ الأمر يومئذ واليوم كلّه للّه ،...وإذا كان يوم القيامة بادت الحكام فلم يبق حاكم إلاّ اللّه »{[5837]}
وهنا ...يواجهنا السؤال التالي: هل يعني ذلك ،إنّ الآية تتعارض وشفاعة الأنبياء والأوصياء والملائكة ؟
ويتّضح جواب السؤال المذكور من خلال البحوث التي قدمناها بخصوص موضوع ( الشفاعة ) فقد صرّح الحكيم في بيانه الكريم ،إنّ الشّفاعة لن تكون إلاّ بإذنه ،وإنّ الشّفاعة غير مطلقة ،حسب ما تشير إليه الآية ( 28 ) من سورة الأنبياء ( لا يشفعون إلاّ لمن ارتضى )