للإشارة إلى كمال عصمتها إذ قالت:{ إنِّي أعوذُ بالرحمن مِنكَ إن كُنتَ تقِيَّاً} ،إذ لم يكن في صورته ما يكره لأمثالها ،لأنها حسبت أنه بشر اختبأ لها ليراودها عن نفسها ،فبادرته بالتعوذ منه قبل أن يكلمها مبادرة بالإنكار على ما توهمته من قصده الذي هو المتبادر من أمثاله في مثل تلك الحالة .
وجملة{ إنِّي أعوذُ بالرحمن مِنكَ} خبرية ،ولذلك أكدت بحرف التأكيد .والمعنى: أنها أخبرته بأنها جعلت الله معاذاً لها منه ،أي جعلت جانب الله ملجأ لها مما هَمّ به .وهذه موعظة له .
وذكرها صفة ( الرحمان ) دون غيرها من صفات الله لأنها أرادت أن يرحمها الله بدفع من حسبته داعراً عليها .
وقولها{ إن كُنتَ تَقيّاً} تذكير له بالموعظة بأن عليه أن يتّقي ربّه .
ومجيء هذا التذكير بصيغة الشرط المؤذن بالشك في تقواه قصد لتهييج خشيته ،وكذلك اجتلاب فعل الكون الدال على كون التّقوى مستقرة فيه .وهذا أبلغ وعظٍ وتذكيرٍ وحثّ على العمل بتقواه .