/م15
{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} هذه تتمة الرد على اقتراح المشركين ، فإنه رد عليهم أولا ببيان حقيقة الأمر الواقع ، وهو أن تبديل القرآن ليس من شأن الرسول في نفسه ، ولا مما أذن الله له به ، بل يعاقبه عليه أشد العقاب في الآخرة إن فرض وقوعه منهلأنه كلامه الخاص بهوثانيا بإقامة الحجة العقلية على أنه كلام الله ، وأنه ليس في استطاعته صلى الله عليه وسلم الإتيان بمثله ، ثم عزز هاتين الحجتين بثالثة أدبية وهي أن شر أنواع الظلم والإجرام في البشر شيئان:أحدهما افتراء الكذب على الله ، وهو ما اقترحوه عليه بجحودهم ، وثانيهما التكذيب بآيات الله ، وهو ما اجترحوه بإجرامهم ، وقد بين بصيغة الاستفهام الإنكاري ، أي لا أحد يظلم عند الله وأجدر بغضبه وعقابه من هذين الفريقين من الظالمين ، وأنا أنعى عليكم الثاني منهما ، فكيف أرضى لنفسي بالأول وهو شر منه ؟ وأي فائدة لي من هذا الإجرام العظيم وأنا أريد الإصلاح وأدعو إليه وأحتمل المشاق في سبيله ، وأعلم{ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ} أي لا يفوزون بمطلوبهم الذي يتوسلون إليه بالكذب والزور .
وقد تقدم مثل هذا الاستفهام في ثلاث آيات من سورة الأنعام [ 21 و39 و144] وفي آية من سورة الأعراف [ الآية:37] فراجع تفسيرهن في ج 8 تفسير .