/م28
{ ويَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً} أي واذكر أيها الرسول لفريقي الناس الذين ضربنا لهم ما سبق من الأمثال ، وبينا ما يعملون من الأعمال ، يوم نحشرهم جميعا في موقف الحساب لا يتخلف منهم أحد ، أو الظرف متعلق بقوله تعلى في الآية التالية{ هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ} ، وفي بعض الآيات{ ويوم يحشرهم وما يعبدون} [ الفرقان:17] .
{ ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ} أي ثم نقول للمشركين منهم بعد وقوف طويل لا يخاطب فيه أحد بشيء كما تدل عليه بعض الآيات:الزموا مكانكم لا تبرحوه حتى تنظروا ما يفعل بكم .
{ أَنتُمْ وشُرَكَآؤُكُمْ} أي الزموه أنتم وشركاؤكم ، أي الذين جعلتموهم شركاء لله لنفصل بينكم فيما كان من سبب عبادتكم لهم ، وما يقول كل منكم فيها .
{ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} أي فرقنا بين الشركاء ومن أشركوهم مع الله ، وميزنا بعضهم من بعض كما يميز بين الخصوم عند الحساب ، والتنزيل من زاله يزاله كناله يناله بمعنى نحاه ، ( وهو يائي ) ، وزايلته فارقته ، وتزيلوا تميزوا بافتراق بعضهم من بعض ، ومنه قوله في أهل مكة واختلاط مؤمنيهم بكفارهم قبل الفتح:{ لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما} [ الفتح:25] .أو المراد من التنزيل والتفريق تقطيع ما كان بنيهم في الدنيا من الصلات ، وما للمشركين في الشركاء من الآمال ، وكل من المعنيين صحيح ، والعبادة الشركية أنواع ، والمعبودات والمعبودون أنواع ، يصح في بعضهم ما لا يصح في الآخر ، ولذلك تكرر معنى حشر الفريقين وحسابهم في سور أخرى ، بعضها في عبادة الملائكة وعبادة الجن ، وبعضها في عبادة الشر ، وما اتخذ لهم من التماثيل والصور ، ومثلها القبور المعظمة ، وسنشير إلى شواهده .
{ وقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} أي ما كنتم تخصوننا بالعبادة وإنما كنتم تعبدون أهواءكم وشهواتكم وشياطينكم المغوية لكم ، وتتخذون أسماءنا وتماثيلنا هياكل ومواسم لمنافعكم ومصالحكم ، وليس هذا شأن العبودية الصادقة للمعبود الحق الذي يطاع ويعبد ؛ لأنه صاحب السلطان الأعلى على الخلق ، وبيده تدبير الأمر ، ومصادر النفع والضر ، والمراد أنهم يتبرؤون منهم كما صرح به في آيات أخرى .
/خ30