/م120
{ ولله غيب السماوات والأرض} أي وله وحده ما هو غائب عن علمك أيها الرسول وعن علمهم من فوقكم أو من تحت أرجلكم ، مما تنتظر من وَعْد الله لك ووعيده لهم ، ومما ينتظرون من أمانيهم وأوهامهم ، فهو المالك له المتصرف فيه ، العالم بما سيقع منه وبوقته الذي يقع فيه .
{ وإليه يرجع الأمر كله} فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .قرأ الجمهور"يرجع "بفتح الياء وكسر الجيم ، ونافع وحفص بضم الأولى وفتح الثانية ، والمعنى واحد .
{ فاعبده وتوكل عليه} أي وإذا كان له كل شيء ، وإليه يرجع كل أمر ، فاعبده كما أمرت بإخلاص الدين له وحده من عبادة شخصية قاصرة عليك ، ومن عبادة متعدية النفع لغيرك ، وهي الدعوة إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ، وتوكل عليه ليتم لك وعليك ما وعدك بما لا تبلغه استطاعتك ، فالتوكل لا يصح بغير العبادة ، والأخذ بالأسباب المستطاعة ، وإنما يكون بدونهما من التمني الكاذب والآمال الخادعة ، كما أن العبادة وهي ما يراد به وجه الله من كل عمل لا تكمل إلا بالتوكل الذي يكمل به التوحيد ، قال صلى الله عليه وسلم:( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ){[1773]} .رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن شداد بن أوس بسند صحيح .
{ وما الله بغافل عما تعملون} جميعا:ما تعمله أنت أيها النبي والمؤمنون من عبادته والتوكل عليه ، والصبر على أذى المشركين ، وتوطين النفس على مصابرتهم وجهادهم ، فهو يوفيكم جزاءه في الدنيا والآخرة ، وما يعمله المشركون من الكفر والكيد لكم ، وهذه قراءة نافع وحفص ، وقرأ الجمهور [ يعملون] بالتحتية ، وهي نص في وعيد المشركين وحدهم بالجزاء على جميع أعمالهم ، وقد صدق الله وعده ، ونصر عبده محمدا رسول الله وخاتم النبيين ، فالحمد لله رب العالمين .