/م69
{ قالوا أتعجبين من أمر الله} هذا استفهام إنكار لاستفهامهما التعجبي أي لا ينبغي لك أن تعجبي من شيء هو من أمر الله الذي لا يعجزه شيء{ إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [ يس:82] وإنما يصح العجب من وقوع ما يخالف سننه تعالى في خلقه إذا لم يكن واضح السنن ونظام الأسباب هو الذي أراد أن يستثني منها واقعة يجعلها من آياته ، لحكمة من حكمه في عباده{ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت} هذه جملة دعائية استجيبت فمعناه الذي فسره الزمان إلى الآن:رحمة الله الخاصة وبركاته الكثيرة الواسعة عليكم يا معشر أهل بيت النبوة والرسالة ، تتصل وتتسلسل في نسلكم وذريتكم إلى يوم القيامة ، فلا محل للعجب أن يكون من آياته تعالى أن يهب رسوله وخليله الولد منكما في كبركما وشيخوختكما ، فما هي بأول آياته له وقد نجاه من نار قومه الظالمين ، وآواه إلى الأرض التي بارك فيها للعالمين .وهذه الرحمة والبركات والسلام عليهم ، إرث أو تجديد لما هبط به نوح من السلام والبركات عليه وعلى أمم ممن معه كما تقدم في الآية [ 48] .
{ إنه حميد مجيد} أنه جل جلاله مستوجب لأنواع الثناء والحمد ، حقيق بأسنى غايات المجد ، وبتأثيلهما لأهل البيت .والجملة تعليل لما قبلها ، وأصل المجد في اللغة أن تقع إبل في الأرض واسعة المرعى ، يقال:مجدت تمجد [ من باب نصر] مجدا ومجادة ، وأمجدها الراعي ، والمجد في البيوت والأنساب ما يعده الرجل من سعة كرم آبائه وكثرة نوالهم ، ووصف الله كتابه بالمجيد كما وصف نفسه به لسعة هداية كتابه ، وسعة كرمه وفضله على عباده ، ومن هذه الآية أخذ النبي صلى الله عليه وسلم دعاء الصلاة الذي أمر به أمته عقب التشهد الأخير من الصلاة .