بعد هذا كله بين الله تعالى شأنين من شئون أهل الكتاب وهما أنه لا ثقة بهم في شيء لما عرف عنهم من نقض العهود وأنه لا رجاء في إيمان أكثرهم لأن الضلالة قد ملكت عليه أمرهم إلا قليلا منهم ، فإن كان ما تقدم من الأعمال والأقوال قد صدر عن بعضهم – وإن كان نقض العهود قد وقع في كل زمن من فريق منهم دون فريق – فلا يتوهمن أحد أن أولئك هم الأقلون ، كلا بل هم الأكثرون ، ولذلك قال{ أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم} همزة الاستفهام التوبيخي داخلة على محذوف أي أكفروا بالآيات وقالوا ما قالوا وكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ؟ .النبذ طرح الشيء وإلقاؤه والمراد بالعهود هنا عهودهم للنبي صلى الله عليه وسلم ولما كان لفظ"فريق "يوهم العدد القليل وكان الواقع أن الذين كانوا يرون الوفاء له صلى الله عليه وسلم قليلون ، والناقضين هم الأكثرون – أضرب عنه وقال{ بل أكثرهم لا يؤمنون} فهم لا أيمان لهم لأنهم لا إيمان لهم ، أي لا عهود لهم .وفيه من خبر الغيب أن أكثر اليهود لا يؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم وكذلك كان وصدق الله العظيم .