/م142
قال عز وجل:
{ سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} السفه والسفاهة الاضطراب في الرأي والفكر أو الأخلاق يقال:سفه حلمه ورأيه ونفسه ، ومنه:زمام سفيه ، أي مضطرب لمرح الناقة ومنازعتها إياه .واضطراب الحلم - العقل – والرأي جهل وطيش ، واضطراب الأخلاق فساد فيها لعدم رسوخ ملكة الفضيلة .قال البيضاوي في تفسير السفهاء وأحسن ما شاء:هم الذين خفت أحلامهم واستمهنوها بالتقليد والإعراض عن النظر ، يريد المنكرين لتغيير القبلة من المنافقين واليهود والمشركين .وفائدة تقديم الإخبار توطين النفس وإعداد الجواب اه .
وولاه عن الشيء صرفه عنه والاستفهام الإنكار والتعجب .والمعنى:سيقول سفهاء الأحلام السخفاء:أي شيء جرى لهؤلاء المسلمين فحولهم وصرفهم عن قبلتهم التي كانوا عليها وهي قبلة النبيين من قبلهم ؟ وهاك تفصيل الجواب:ليست صخرة بيت المقدس بأفضل من سائر الأبنية .وكذلك يقال في الكعبة والبيت الحرام كما تقدم في تفسير 127{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت} وإنما يجعل الله للناس قبلة لتكون جامعة لهم في عبادتهم إلى آخر ما تقدم شرحه في تفسير 115{ ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} وفي الكلام على الكعبة والحج ولكن سفهاء الأحلام من أهل الجمود والمقلدين لهم يظنون أن القبلة أصل في الدين من حيث هي الصخرة المعنية أو البناء المعين ، ولذلك كانت الحجة التي لقنها الله لنبيه في الرد على السفهاء الجاهلين لهذه الحكمة{ قل لله المشرق والمغرب} أي إن الجهات كلها لله تعالى لا فضل لجهة منها بذاتها على جهة ، وإن شاء الله أن يخصص منها ما شاء فيجعله قبلة لمن يشاء ، وهو الذي{ يهدي من يشاء إلى صراط المستقيم} وهو صراط الاعتدال في الأفكار والأخلاق والأعمال كما يبين في الآية الآتية .فعلم أن نسبة الجهات كلها إلى الله تعالى واحدة وإن العبرة في التوجيه إليه سبحانه بالقلوب ، واتباع وحيه في توجه الوجوه .