{ ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام} أي من أي مكان خرجت وفي أي بقعة حللت فول وجهك في صلاتك شطر المسجد الحرام ، فهو حكم عام .
قال الأستاذ الإمام أعاد الأمر في صورة أخرى ليبين أنه شريعة عامة في كل زمان ومكان لا يختص ببلاد دون أخرى ولا بحضر دون سفر .وقد كان الأمر بالتحويل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فأعلمه بصيغة الأمر أنه ليس خاصا بتلك الصلاة ولا بذلك المكان بل عليه أن يفعل ذلك من حيث خرج وأين توجه .ومن مزايا هذه القبلة أن أصحابها يصلون إلى جميع الجهات بتوليهم إياها من أقطار الأرض المختلفة وقد وثق الأمر وأكده بقوله:{ وإنه للحق من ربك} أي وإن توليك إياه لهو الحق المحكم بوحي ربك فلا ينسخ{ وما الله بغافل عما تعملون} أي إنكم أيها المخاطبون باتباع النبي في كل ما يجيء به من أمر الدين تحت نظر الحق دائما فهو لا يغفل عن أعمالكم{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} ( النور:62 ) .وفي الكلام التفات عن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطاب جميع المكلفين ، بما فيه من التعريض والتهديد للمنافقين .
وقرأ أبو عمرو ( يعملون ) بالياء وهو يعود إلى أولئك المجادلين في القبلة .يقول لنبيه لا يحزنك أمرهم ، فإن الله تعالى هو الذي يتولى جزاءهم ، وما هو بغافل عن فسادهم وفتنتهم .