/م180
ثم قال:{ فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه} الجنف بالتحريك الخطأ ، والإثم يراد به تعمد الإجحاف والظلم ، والموصي فاعل الإيصاء وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب ( موص ) بالتشديد من الوصية .والمعنى إن خرج الموصي في وصيته عن المعروف والعدل خطأ أو عمدا فتنازع الموصى لهم فيه أو تنازعوا مع الورثة فينبغي أن يتوسط بينهم من يعلم بذلك ويصلح بينهم ، ولا إثم عليه في هذا الإصلاح إذا وجد فيه شيء من تبديل الجنف والحيف لأنه تبديل باطل إلى حق وإزالة مفسدة بمصلحة ، فقلما يكون إصلاح إلا بترك بعض الخصوم شيئا مما يراه حقا له للآخر .
قال الأستاذ الإمام:الآية استثناء مما قبلها أي أن المبدل للوصية آثم إلا من رأى إجحافا أو جنفا في الوصية فبدل فيها لأجل الإصلاح وإزالة التخاصم والتنازع والتعدي بين الموصي لهم ، فعبر بخاف بدلا عن رأي أو علم تبرئة للموصي من القطع بجنفه وإثمه واحتماء من تقييد التصدي للإصلاح وإن لم يكن موقنا بذلك .وللتعبير عن مثل هذا العلم بالخوف شواهد في كلام العرب .والمصلح مثاب مأجور ، ونفي الإثم عن تبديل الوصية المحرم تبديلها يشعر بذلك ، إذ لو لم يكن التبديل للإصلاح مطلوبا لم ينف الإثم عنه .وختم الكلام بقوله:{ إن الله غفور رحيم} للإشعار بما في هذه الأحكام من المصلحة والمنفعة وبأن من خالف لأجل المصلحة مع الإخلاص فهو مغفور له .