بيّن القرآن فيما سبق الأحكام العامّة للوصية ،وأكد على حرمة كل تبديل فيها ،ولكن في كل قانون استثناء ،والآية الثالثة من آيات بحثنا هذا تبين هذا الاستثناء وتقول: ( فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوص جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
الاستثناء يرتبط بالوصية المدونة بشكل غير صحيح ،وهنا يحق للوصي أن ينبّه الموصي على خطئه إن كان حيّاً ،وأن يعدّل الوصيّة إن كان ميتاً ،وحدّد الفقهاء مواضع جواز التعديل فيما يلي:
1إذا كانت الوصيّة تتعلق بأكثر من ثلث مجموع الثروة ،فقد أكدت نصوص المعصومين على جواز الوصية في الثلث ،وحظرت ما زاد على ذلك{[241]} .
من هنا لو وصّى شخص بتوزيع كل ثروته على غير الورثة الشرعيين ،فلا تصح وصيته ،وعلى الوصي أن يقلل إلى حدّ الثلث .
2إذا كان في الوصية ما يؤدي إلى الظلم والإثم ،كالوصية بإعانة مراكز الفساد ،أو الوصية بترك واجب من الواجبات .
3إذا أدت الوصية إلى حدوث نزاع وفساد وسفك دماء ،وهنا يجب تعديل الوصية بإشراف الحاكم الشرعي .
عبرت الآية «بالجَنَفِ » عن الانحرافات التي تصيب الموصي في وصيته عن سهو ،و«بالإِثم » عن الإِنحرفات العمدية .
عبارة ( إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) تشير إلى ما قد يقع فيه الوصي من خطأ غير عمدي عند ما يعدّل الوصية المنحرفة ،وتقول: إن الله يعفو عن مثل هذا الخطأ .
/خ182