/م67
{ قال إنه يقول إنها بقرة} سائمة{ لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث} أي غير مذللة بالعمل في الحراثة ولا في السقي .
{ مسلمة} من العيوب أو من سائر الأعمال{ لاشية فيها} أي ليس فيها لون آخر غير الصفرة الفاقعة .والشيه مصدر كالعدة من وشى الثوب يشيه إذا جعل فيه خطوطا من غير لونه بنحو تطريز .ولما استوفى جميع المميزات والمشخصات ولم يروا سبيلا إلى سؤال آخر.
{ قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون} أي وما قاربوا أن يذبحوها إلا بعد أن انتهت أسئلتهم ، وانقطع ما كان من تنطعهم وتعنتهم .روى ابن جرير في التفسير بسند صحيح عن ابن عباس موقوفا"لو ذبحوا أي بقرة أرادوا لأجزأتهم ولكن شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم "وأخرجه سعيد بن منصور في سننه عن عكرمة مرفوعا مرسلا:وهاهنا يذكر المفسرون قصة في حكمة هذا التشديد وهو المصير إلى بقرة معينة لشخص معين كان بارا بوالدته وقد يكون هذا صحيحا غير أنه لا داعي إليه في التفسير وبيان المعنى .وقد يشتبه بعض الناس فيما ذكر بأن أحكام الله تعالى لا تكون تابعة لأفعال الناس العارضة ويرد هذه الشبهة أن التكليف كثيرا ما يكون عقوبة لأنه تربية للناس .وقد وردت الأسئلة والأجوبة في هذه القصة مفصولة غير موصولة بالفاء وذلك ما يقتضيه الأسلوب البليغ فقد تقرر في البلاغة أن القول إذا أشعر بسؤال كان ما يأتي بعده مما يصح أن يكون جوابا للسؤال المقدر مفصولا عما قبله ، وقوله{ وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} يشعر بسؤال كأنه قيل ماذا كان منهم بعد الأمر فأجيب عنه بقوله{ قالوا أتتخذنا هزوا} وهذا يشعر بسؤال أيضا كأنه قيل ماذا قال موسى إذ قالوا ذلك فأجاب{ قال أعوذ بالله} الخ وهكذا ورد غيرها من المراجعات في التنزيل كما ترى في قصة موسى وفرعون .