/م67
المفردات:
الذلول: الريض الذي زالت صعوبته ،يقال دابة ذلول بينة ، ( الذل ) بالكسر ،ورجل ذلول بين الذل ( بالضم ) ،فمعنى لا ذلول أي ليست مذللة وميسرة .
تثير الأرض: أي تقلبها بالمحراث .
ولا تسقي الحرث: أي ولا تروي الزرع .
مسلمة: سليمة من العيوب وآثار العمل .
لاشية فيها: لا لون فيها يخالف معظم جلدها ،من وشى الثوب يشيه إذا زينه بخطوط مختلفة الألوان .
جئت بالحق: جئت ولم يبق فيها إشكال .
وما كادوا يفعلون: وما قربوا من أن يذبحوها لغلاء ثمنها أو خوف الفضيحة .
التفسير:
71- قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها .أي أنها بقرة لم تذلل بالعمل في الحراثة والسقي ،فلفظ .لا .نافية بمعنى غير .ولا .في قوله تعالى: ولا تسقي الحرث .مزيدة لتوكيد الأولى لأن المعنى ( لا ذلول تثير و تسقي ) ( 187 ) .وأعيد في قوله: ولا تسقي الحرث . مراعاة للاستعمال الفصيح .قال ابن كثير: إنها ليست مذللة بالحراثة ولا معدة للسقي قي الساقية بل هي مكرمة حسنة صبيحة لا عيب فيها ا ه .ومعنى مسلمة: أي سلمها الله من العيوب .ومعنى لا شية: لا لون فيها يخالف جلدها الأصفر والشية في الأصل: مصدر وشاه يشيه وشيا وشية ،إذا خلط لونه بلون آخر .
قالوا الآن جئت بالحق .أي جئت بحقيقة وصف البقرة وما بقي في أمرها ،ولا وجه لنا في طلب الإيضاح بعد ذلك .فذبحوها .أي فحصلوا البقرة الجامعة لهذه الأوصاف كلها فذبحوها .
وما كادوا يفعلون: معناه وما قربوا أن يفعلوا الذبح ،والمقصود منه المبالغة في تباطئهم وتعمدهم .إطالة الزمن بكثرة المراجعات في وصف البقرة .وجملة وما كادوا يفعلون . حالية .قال الزمخشري: وما كادوا يفعلون .
استثقال لاستقصائهم واستبطاء لهم وإنهم لتطويلهم المفرط وكثرة استكشافهم ما كادوا يذبحونها ،وما كادت تنتهي سؤالا تهم وما كاد ينقطع خيط إسهابهم فيها وتعمقهم ،وقيل وما كادوا يذبحونها لغلاء ثمنها ،وقيل لخوف الفضيحة في ظهور القاتل ،وروى أنه كان في بني إسرائيل شيخ صالح له عجلة فأتى بها الغيضة وقال: اللهم إني استودعتكها لابني حتى يكبر ،وكان بارا بوالديه ،فشبت وكانت من أحسن البقر وأسمنه ،فساوموها اليتيم وأمه حتى اشتروها بملء مسكها ذهبا وكانت البقرة إذ ذاك بثلاثة دنانير . ( 188 ) .
يؤخذ من الآية النهي عن كثرة السؤال ،قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسئكم .( المائدة 101 ) .
وروى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ،وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ،فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلكم ،واختلافهم على الأنبيائهم » ( 189 ) .
وكتب عمر ابن عبد العزيز إلى عامله: إذا أمرتك أن تعطى فلانا شاة سألتني أضائن أم ما عز ؟فإن بينت لك قلت أذكر أم أنثى ؟فإن أخبرتك قلت أسوداء أم بيضاء ؟فإذا أمرتك بشيء فلا تراجعني .
وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأغلوطات ( 190 ) . أخرجه الإمام أحمد وفسره الأوزاعي وقال: هي شداد المسائل وما لا يحتاج إليه من كيف وكيف .
وقال الأوزاعي: إن الله إذا أراد أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه المغاليط ،فلقد رأيتهم أقل الناس علما .