/م1
{ وهو الله في السماوات وفي الأرض} اسم الجلالة « الله » علم لرب العالمين خالق السموات والأرض ، وقد كان هذا معروفا عند مشركي العرب .قال تعالى في سورة العنكبوت:{ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون} [ العنكبوت:61] ومثلها في سورة الزمر:39 وفي معنى هذا السؤال والجواب آيات كثيرة وردت في سياق إثبات التوحيد والبعث – راجع من آية 80 إلى 90 من سورة المؤمنين ومن آية 61 إلى 70 من سورة النمل .فمن هذه الآيات تعلم أن اسم الجلالة يشمل هذه الصفات أو يستلزمها ، فمعنى الآية أن الله تعالى هو الله تعالى المتصف بهذه الصفات المعروف والمعترف له بها في السموات والأرض .كما تقول أن حاتما هو حاتم في طي وفي جميع القبائل – أي هو المعروف بالجود المعترف له به في كل قومه وفي غيرهم ، وأن فلانا هو الخليفة في مملكته وفي جميع البلاد الإسلامية .وفي معنى هذا قوله تعالى في أواخر الزخرف 84:{ وهو الذي في السماء إلاه وفي الأرض إلاه وهو الحكيم العليم} الخ الآيات .
وجعل بعضهم المعنى الاشتقاقي في الاسم الكريم إما المعبود وإما المدعو ، وهذا هو معنى « الإله » وهو داخل في مفهوم الاسم الأعظم ، والمعنى على هذا:كمعنى آية الزخرف أي وهو المعبود أو المدعو في السماوات والأرض .وقال الحافظ ابن كثير إنه الأصح من الأقوال .وفي الآيات وجوه أخرى:فمنها أنه المعروف بالإلهية أو المتوحد بالإلهية فيهما – ومنها أنه الذي يقال له الله فيهما لا يشرك به في هذا الاسم .وقيل إن « في السموات وفي الأرض » متعلق بما بعده وفيه إشكال نحوي وإشكال معنوي .
وزعمت الجهمية أن المعنى أن الله تعالى كائن في السموات والأرض ، ومنه أخذوا قولهم أنه في كل مكان ، والله أعلى وأجل مما قالوا فهو بائن من خلقه غير حال فيه كله ولا في جزء منه ، وما صح من إطلاق كونه في السماء ليس معناه أنه حال في هذه الأجرام السماوية كلها أو بعضها ، وإنما هو إطلاق لإثبات علوه على خلقه غير مشابه لهم في شيء ، بل هو بائن منهم ليس كمثله شيء .
أما جملة{ يعلم سركم وجهركم} فهي تقرير لمعنى الجملة الأولى لأن الذي استوى في علمه السر والعلانية هو الله وحده ، وإلا فهو كلام مبتدأ بمعنى:هو يعلم سركم وجهركم ، أو خبر ثان قيل أو ثالث{ ويعلم ما تكسبون ( 3 )} من الخير والشر فيجازيكم عليه .