{ يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ 35 وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون 36}
هذا النداء هو الرابع لبني آدم كافة منذ بعث الله إليهم الرسل عليهم السلام فهو يؤذن بأنه هو وما قبله حكاية لما خاطب الله به كل أمة على لسان رسولها وبينه لهم من أصول دينه الذي شرعه لهدايتهم به إلى ما لا غنى لهم عنه في تكميل فطرتهمز وقد تخلل النداء الثاني والثالث بعض ما يناسب أمة خاتم الرسل صلى الله عليه وسلمن إذ لم يكن في آياتهما ما يدل على مشاركة غيرها لها في الخطاب ، وأما هذا النداء فقد صرح فيه بذكر جملة الرسل ، وذكره بعد بيان آجال الأمم ، ولهذا فرع عليه بيان جزاء من اتبع الرسل ومن كذبهم من جميع الأقوام .فهذا وجه مناسبته لما قبله ظهر لنا والله أعلم .قال عز وجل:
{ يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون} إما مركبة من"إن "الشرطية و"ما "التي تفيد تأكيد الشرط وكذا العموم في قول .والمعنى إن يأتكم رسل من أبناء جنسكم البشر يتلون عليكم آياتي التي أنزلها عليهم في بيان ما أفرضه عليكم من الإيمان والأعمال الصالحة المصلحة ، وما أحرمه عليكم من الشرك والرذائل والأعمال المفسدة فمن اتقى ما نهيت عنه ، وأصلح نفسه بما أوجبت عليه ، فلا خوف عليهم مما يترتب على التكذيب والعصيان من عذاب الدنيا والآخرة ، ولا هم يحزنون عند الجزاء يوم القيامة ولا في الدنيا كحزن غيرهم .وقد تقدم تفسير مثل هذه الجملة في مواضع أشبهها بهذه الآية وما بعدها ( 2:38 و6:48 فيراجع ) .
/خ36