/م65
{ قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} المراد من المجيء الإتيان بالرسالة حسب دعواه الصادقة في نفسها الكاذبة في ظنهم الآثم:على أن العرب تستعمل المجيء والذهاب والقعود والقيام في التعبير عن الشروع في الشيء وبيان حاله يقال جاء يعلم الناس كيف يحاربون وذهب يقيم قواعد العمران ( ونذر ) بمعنى نترك لم يستعمل من مادته إلا الفعل المضارع .
والمعنى:أجئتنا لأجل أن نعبد الله وحده على ما نحن عليه من الآثام ونترك ما كان يعبد آباؤنا معه من الأولياء والشفعاء فنحقرهم ونمتهنهم برميهم بالكفر ونحقر أولياءنا وشفعاءنا عند الله بترك التوجه إليهم عند التوجه إليه وهم الوسيلة وهو المقصود بالدعاء والاستغاثة هم والتعظيم لصورهم وتماثيلهم وقبورهم والنذر لهم وذبح القرابين عندهم ؟ وهل يقبل الله عبادتنا مع ذنوبنا إلا بهم ولأجلهم ؟ استنكروا التوحيد واحتجوا عليه بما أبطله الشرع والعقل من التقليد واستعجلوا الوعيد قالوا:
{ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين} أي فجئنا بما تعدنا به من العذاب على ترك الإيمان بك والعمل بمقتضى توحيدك إن كنت من الصادقين في إنذارك أو في أنك رسول من رب العالمين .وقد استعمل الوعد بمعنى الوعيد لأنه أعم والمراد به هو ما أشير إليه بقوله هنا:{ أفلا تتقون} وصرح به في سورة الشعراء بقوله:{ إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} ( الأعراف 59 ) .