/م75
{ ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم} أي ألم يعلم هؤلاء المنافقون الذين يعلنون غير ما يسرون ، ويقولون ما لا يفعلون ، ويتناجون فيما بينهم بالإثم والعدوان ولمز الرسول ، أن الله يعلم سرهم الكامن في أعماق قلوبهم ، ونجواهم التي يخصون بها من يثقون بمشاركته إياهم في نفاقهم ،{ وأن الله علام الغيوب} كلها{ لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء} [ آل عمران:5] ،{ يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}[ غافر:19] ، فهم يكذبون على الله فيما يعاهدونه به ، وعلى الناس فيما يحلفون عليه باسمه .
الاستفهام في قوله تعالى ألم يعلموا للتوبيخ والإنذار ، أو للتنبيه القاطع لطريق الاعتذار ، فإن المنافقين كانوا يؤمنون بوجود الله وعلمه إيماناً إجماليا تقليدياً ، وإنما كانوا يرتابون في الرسالة والوحي والبعث ، ولكن ما ذكر من عملهم وأيمانهم الكاذبة باسمه هو عمل من لا يؤمن به ، ولا يعلم أنه يعلم سره ونجواه وأنه علام الغيوب ، فإن من يعلم هذا علماً صحيحاً فلا بد أن يستحيي من الله ويخاف عقابه إن كان يؤمن بالبعث والجزاء ، ولكنهم لا يعلمون ذاك ولا يؤمنون بهذا .