قال ابن جرير:هذا من تمام قيل موسى لقومه .
يعني:تذكاره إياهم بأيام الله ، بانتقامه من الأمم المكذبة للرسل .
وفيما قال ابن جرير نظر; والظاهر أنه خبر مستأنف من الله تعالى لهذه الأمة ، فإنه قد قيل:إن قصة عاد وثمود ليست في التوراة ، فلو كان هذا من كلام موسى لقومه وقصه عليهم ذلك فلا شك أن تكون هاتان القصتان في "التوراة "، والله أعلم . وبالجملة فالله تعالى قد قص علينا خبر قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الأمم المكذبة للرسل ، مما لا يحصي عددهم إلا الله عز وجل أتتهم رسلهم بالبينات ، أي:بالحجج والدلائل الواضحات الباهرات القاطعات .
وقال ابن إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله أنه قال في قوله:( لا يعلمهم إلا الله ) كذب النسابون .
وقال عروة بن الزبير:ما وجدنا أحدا يعرف ما بعد معد بن عدنان .
وقوله:( فردوا أيديهم في أفواههم ) اختلف المفسرون في معناه ، فقيل:معناه:أنهم أشاروا إلى أفواه الرسل يأمرونهم بالسكوت عنهم ، لما دعوهم إلى الله ، عز وجل .
وقيل:بل وضعوا أيديهم على أفواههم تكذيبا لهم .
وقيل:بل هو عبارة عن سكوتهم عن جواب الرسل .
وقال مجاهد ، ومحمد بن كعب ، وقتادة:معناه أنهم كذبوهم وردوا عليهم قولهم بأفواههم .
قال ابن جرير:وتوجيهه أن "في "هاهنا بمعنى "الباء "، قال:وقد سمع من العرب:"أدخلك الله بالجنة "يعنون:في الجنة ، وقال الشاعر:
وأرغب فيها عن لقيط ورهطه عن سنبس لست أرغب
يريد:أرغب بها .
قلت:ويؤيد قول مجاهد تفسير ذلك بتمام الكلام:( وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب ) فكأن هذا [ والله أعلم] تفسير لمعنى رد أيديهم في أفواههم .
وقال سفيان الثوري ، وإسرائيل ، عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص ، عن عبد الله في قوله:( فردوا أيديهم في أفواههم ) قال:عضوا عليها غيظا .
وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، أبي هبيرة ابن مريم ، عن عبد الله أنه قال ذلك أيضا . وقد اختاره عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ووجهه ابن جرير مختارا له ، بقوله تعالى عن المنافقين:( وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ) [ آل عمران:119] .
وقال العوفي ، عن ابن عباس:لما سمعوا كتاب الله عجبوا ، ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم .
وقالوا:( إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب ) يقولون:لا نصدقكم فيما جئتم به; فإن عندنا فيه شكا قويا .