قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن المغيرة ، أخبرنا جرير ، عن عبدة بن أبي برزة السجستاني عن الصلب بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري ، عن أبيه ، عن جده ، أن أعرابيا قال:يا رسول الله ، أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله:( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) .
ورواه ابن مردويه ، وأبو الشيخ الأصبهاني ، من حديث محمد بن أبي حميد ، عن جرير ، به . وقال عبد الرزاق:أخبرنا جعفر بن سليمان ، عن عوف ، عن الحسن ، قال:سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [ النبي صلى الله عليه وسلم]:أين ربنا ؟ فأنزل الله عز وجل:( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) الآية .
وقال ابن جريج عن عطاء:أنه بلغه لما نزلت:( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) [ غافر:60] قال الناس:لو نعلم أي ساعة ندعو ؟ فنزلت:( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان )
وقال الإمام أحمد:حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، حدثنا خالد الحذاء ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري ، قال:كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفا ، ولا نعلو شرفا ، ولا نهبط واديا إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير . قال:فدنا منا فقال:"يا أيها الناس ، اربعوا على أنفسكم ; فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنما تدعون سميعا بصيرا ، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته . يا عبد الله بن قيس ، ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله ".
أخرجاه في الصحيحين ، وبقية الجماعة من حديث أبي عثمان النهدي ، واسمه عبد الرحمن بن مل ، عنه ، بنحوه .
وقال الإمام أحمد:حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا شعبة ، حدثنا قتادة ، عن أنس رضي الله عنه:أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يقول الله تعالى:أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا دعاني ".
وقال الإمام أحمد:حدثنا علي بن إسحاق ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله ، عن كريمة بنت الخشخاش المزنية ، قالت:حدثنا أبو هريرة:أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"قال الله:أنا مع عبدي ما ذكرني ، وتحركت بي شفتاه ".
قلت:وهذا كقوله تعالى:( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) [ النحل:128] ، وكقوله لموسى وهارون ، عليهما السلام:( إنني معكما أسمع وأرى ) [ طه:46] . والمراد من هذا:أنه تعالى لا يخيب دعاء داع ، ولا يشغله عنه شيء ، بل هو سميع الدعاء . وفيه ترغيب في الدعاء ، وأنه لا يضيع لديه تعالى ، كما قال الإمام أحمد:
حدثنا يزيد ، حدثنا رجل أنه سمع أبا عثمان هو النهدي يحدث عن سلمان يعني الفارسي رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الله تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين ".
قال يزيد:سموا لي هذا الرجل ، فقالوا:جعفر بن ميمون .
وقد رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه من حديث جعفر بن ميمون ، صاحب الأنماط ، به . وقال الترمذي:حسن غريب . ورواه بعضهم ، ولم يرفعه .
وقال الشيخ الحافظ أبو الحجاج المزي ، رحمه الله ، في أطرافه:وتابعه أبو همام محمد بن الزبرقان ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، به .
وقال الإمام أحمد أيضا:حدثنا أبو عامر ، حدثنا علي بن دؤاد أبو المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد:أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال:إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها "قالوا:إذا نكثر . قال:"الله أكثر ".
وقال عبد الله بن الإمام أحمد:حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن جبير بن نفير ، أن عبادة بن الصامت حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله ، عز وجل ، بدعوة إلا آتاه الله إياها ، أو كف عنه من السوء مثلها ، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ".
ورواه الترمذي ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن محمد بن يوسف الفريابي ، عن ابن ثوبان وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان به . وقال:حسن صحيح غريب من هذا الوجه .
وقال الإمام مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر عن أبي هريرة:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول:دعوت فلم يستجب لي ".
أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك ، به . وهذا لفظ البخاري ، رحمه الله ، وأثابه الجنة .
وقال مسلم أيضا:حدثني أبو الطاهر ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ". قيل:يا رسول الله ، ما الاستعجال ؟ قال:"يقول:قد دعوت ، وقد دعوت ، فلم أر يستجاب لي ، فيستحسر عند ذلك ، ويترك الدعاء ".
وقال الإمام أحمد:حدثنا عبد الصمد ، حدثنا ابن هلال ، عن قتادة ، عن أنس:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل ". قالوا:وكيف يستعجل ؟ قال:"يقول:قد دعوت ربي فلم يستجب لي ".
وقال الإمام أبو جعفر الطبري في تفسيره:حدثني يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، حدثني أبو صخر:أن يزيد بن عبد الله بن قسيط حدثه ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت:ما من عبد مؤمن يدعو الله بدعوة فتذهب ، حتى تعجل له في الدنيا أو تدخر له في الآخرة ، إذا لم يعجل أو يقنط . قال عروة:قلت:يا أماه كيف عجلته وقنوطه ؟ قالت:يقول:سألت فلم أعط ، ودعوت فلم أجب .
قال ابن قسيط:وسمعت سعيد بن المسيب يقول كقول عائشة سواء .
وقال الإمام أحمد:حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا بكر بن عمرو ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"القلوب أوعية ، وبعضها أوعى من بعض ، فإذا سألتم الله أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة ، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل ".
وقال ابن مردويه:حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي بن نافع بن معد يكرب ببغداد ، حدثني أبي بن نافع ، حدثني أبي بن نافع بن معد يكرب ، قال:كنت أنا وعائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الآية:( أجيب دعوة الداع إذا دعان ) قال:"يا رب ، مسألة عائشة ". فهبط جبريل فقال:الله يقرؤك السلام ، هذا عبدي الصالح بالنية الصادقة ، وقلبه نقي يقول:يا رب ، فأقول:لبيك . فأقضي حاجته .
هذا حديث غريب من هذا الوجه .
وروى ابن مردويه من حديث الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس:حدثني جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ:( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) الآية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم أمرت بالدعاء ، وتوكلت بالإجابة ، لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، لبيك إن الحمد والنعمة لك ، والملك لا شريك لك ، أشهد أنك فرد أحد صمد لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد ، وأشهد أن وعدك حق ، ولقاءك حق ، والجنة حق ، والنار حق ، والساعة آتية لا ريب فيها ، وأنت تبعث من في القبور ".
وقال الحافظ أبو بكر البزار:حدثنا الحسن بن يحيى الأرزي ومحمد بن يحيى القطعي قالا:حدثنا الحجاج بن منهال ، حدثنا صالح المري ، عن الحسن ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يقول الله تعالى:يا ابن آدم ، واحدة لك وواحدة لي ، وواحدة فيما بيني وبينك ; فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا ، وأما التي لك فما عملت من شيء وفيتكه وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة ".
وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء ، متخللة بين أحكام الصيام ، إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة ، بل وعند كل فطر ، كما رواه الإمام أبو داود الطيالسي في مسنده:
حدثنا أبو محمد المليكي ، عن عمرو هو ابن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو ، قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة ". فكان عبد الله بن عمرو إذ أفطر دعا أهله ، وولده ودعا .
وقال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه في سننه:حدثنا هشام بن عمار ، أخبرنا الوليد بن مسلم ، عن إسحاق بن عبيد الله المدني ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد ". قال عبد الله بن أبي مليكة:سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر:اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي .
وفي مسند الإمام أحمد ، وسنن الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ثلاثة لا ترد دعوتهم:الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة ، وتفتح لها أبواب السماء ، ويقول:بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين ".