الدعاء
{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون( 186 )}
تأتي هذه الآية في ثنايا الحديث عن الصيام ليستلهم المؤمن منها قرب الصائم من ربه ،واستجابة الله سبحانه لدعائه ،فإن الصوم لا يطلع عن حقيقته إلا الله .روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله عز وجل:"كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزيه ".
التفسير:
{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} .
ما أجمل هذه الآية وما أبدع التعبير فيها عن قرب الإله الكريم من العبد إذا دعاه .
وروى ابن ماجة في سننه بإسناده عن عبد الله بن عمر كذلك ،قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد"( 71 ) .
وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ثلاث لا ترد دعوتهم: الإمام العادل ،والصائم حتى يفطر ،ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة ،وتفتح لها أبواب السماء ،ويقول: بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين".
والدعاء في حقيقته مظهر من مظاهر العبادة الحقة فهو اعتراف لله بالربوبية وإنه على كل شيء قدير ،وفي الدعاء عرفان من العبد بالذل والانكسار وإقرار بسمة العجز والافتقار وتصحيح نسبة العبودية ،ويسن الدعاء في جوف الليل ودبر الصلوات المكتوبات وبين الأذان والإقامة وعند السجود ،وعند السحر في الهزيع الأخير من الليل ،وهو الوقت الذي تغار فيه النجوم وتنام العيون ويبقى الله الواحد القيوم .
روى البخاري ومسلم عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ،فيقول:"من يدعني فاستجب له ،من يسألني فأعطيه ،من يستغفرني فأغفر له"( 72 ) .
* * *