وقوله:( أم يقولون به جنة ) يحكي قول المشركين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تقول القرآن ، أي:افتراه من عنده ، أو أن به جنونا لا يدري ما يقول . وأخبر عنهم أن قلوبهم لا تؤمن به ، وهم يعلمون بطلان ما يقولونه في القرآن ، فإنه قد أتاهم من كلام الله ما لا يطاق ولا يدافع ، وقد تحداهم وجميع أهل الأرض أن يأتوا بمثله ، فما استطاعوا ولا يستطيعون أبد الآبدين; ولهذا قال:( بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ) يحتمل أن تكون هذه جملة حالية ، أي:في حال كراهة أكثرهم للحق ، ويحتمل أن تكون خبرية مستأنفة ، والله أعلم .
وقال قتادة:ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لقي رجلا فقال له:"أسلم "فقال الرجل:إنك لتدعوني إلى أمر أنا له كاره . فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:"وإن كنت كارها ". وذكر لنا أنه لقي رجلا فقال له:"أسلم "فتصعده ذلك وكبر عليه ، فقال له نبي الله:"أرأيت لو كنت في طريق وعر وعث ، فلقيت رجلا تعرف وجهه ، وتعرف نسبه ، فدعاك إلى طريق واسع سهل ، أكنت متبعه ؟ "قال:نعم . فقال:"فوالذي نفس محمد بيده ، إنك لفي أوعر من ذلك الطريق لو قد كنت عليه ، وإني لأدعوك إلى أسهل من ذلك لو دعيت إليه ". وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لقي رجلا فقال له:"أسلم "فتصعده ذلك ، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم:"أرأيت فتييك ، أحدهما إذا حدثك صدقك ، وإذا ائتمنته أدى إليك أهو أحب إليك ، أم فتاك الذي إذا حدثك كذبك وإذا ائتمنته خانك؟ ". قال:بل فتاي الذي إذا حدثني صدقني ، وإذا ائتمنته أدى إلي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كذاكم أنتم عند ربكم ".