وقوله:( وعادا وثمود ) قد تقدم الكلام على قصتيهما في غير ما سورة ، منها في سورة "الأعراف "بما أغنى عن الإعادة .
وأما أصحاب الرس فقال ابن جريج ، عن ابن عباس:هم أهل قرية من قرى ثمود .
وقال ابن جريج:قال عكرمة:أصحاب الرس بفلج وهم أصحاب يس . وقال قتادة:فلج من قرى اليمامة .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم [ النبيل] ، حدثنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم ، حدثنا شبيب بن بشر ، حدثنا عكرمة عن ابن عباس في قوله:( وأصحاب الرس ) قال:بئر بأذربيجان .
وقال سفيان الثوري عن أبي بكير ، عن عكرمة:الرس بئر رسوا فيها نبيهم . أي:دفنوه بها .
وقال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن كعب [ القرظي] قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة العبد الأسود ، وذلك أن الله - تعالى وتبارك - بعث نبيا إلى أهل قرية ، فلم يؤمن به من أهلها إلا ذلك العبد الأسود ، ثم إن أهل القرية عدوا على النبي ، فحفروا له بئرا فألقوه فيها ، ثم أطبقوا عليه بحجر ضخم قال:"فكان ذلك العبد يذهب فيحتطب على ظهره ، ثم يأتي بحطبه فيبيعه ، ويشتري به طعاما وشرابا ، ثم يأتي به إلى تلك البئر ، فيرفع تلك الصخرة ، ويعينه الله عليها ، فيدلي إليه طعامه وشرابه ، ثم يردها كما كانت ". قال:"فكان ذلك ما شاء الله أن يكون ، ثم إنه ذهب يوما يحتطب كما كان يصنع ، فجمع حطبه وحزم وفرغ منها فلما أراد أن يحتملها وجد سنة ، فاضطجع فنام ، فضرب الله على أذنه سبع سنين نائما ، ثم إنه هب فتمطى ، فتحول لشقه الآخر فاضطجع ، فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى ، ثم إنه هب واحتمل حزمته ولا يحسب إلا أنه نام ساعة من نهار فجاء إلى القرية فباع حزمته ، ثم اشترى طعاما وشرابا كما كان يصنع . ثم ذهب إلى الحفيرة في موضعها الذي كانت فيه ، فالتمسه فلم يجده . وكان قد بدا لقومه فيه بداء ، فاستخرجوه وآمنوا به وصدقوه ". قال:فكان نبيهم يسألهم عن ذلك الأسود:ما فعل؟ فيقولون له:لا ندري . حتى قبض الله النبي ، وأهب الأسود من نومته بعد ذلك ". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن ذلك الأسود لأول من يدخل الجنة ".
وهكذا رواه ابن جرير عن ابن حميد ، عن سلمة عن ابن إسحاق ، عن محمد بن كعب مرسلا . وفيه غرابة ونكارة ، ولعل فيه إدراجا ، والله أعلم . وأما ابن جرير فقال:لا يجوز أن يحمل هؤلاء على أنهم أصحاب الرس الذين ذكروا في القرآن; لأن الله أخبر عنهم أنه أهلكهم ، وهؤلاء قد بدا لهم فآمنوا بنبيهم ، اللهم إلا أن يكون حدث لهم أحداث ، آمنوا بالنبي بعد هلاك آبائهم ، والله أعلم .
واختار ابن جرير أن المراد بأصحاب الرس هم أصحاب الأخدود ، الذين ذكروا في سورة البروج ، فالله أعلم .
وقوله:( وقرونا بين ذلك كثيرا ) أي:وأمما بين أضعاف من ذكر أهلكناهم كثيرة; ولهذا قال: