فلما قال سليمان:أريد أعجل من ذلك ، ( قال الذي عنده علم من الكتاب ) قال ابن عباس:وهو آصف كاتب سليمان . وكذا روى محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان:أنه آصف بن برخياء ، وكان صديقا يعلم الاسم الأعظم .
وقال قتادة:كان مؤمنا من الإنس ، واسمه آصف . وكذا قال أبو صالح ، والضحاك ، وقتادة:إنه كان من الإنس - زاد قتادة:من بني إسرائيل .
وقال مجاهد:كان اسمه أسطوم .
وقال قتادة - في رواية عنه -:كان اسمه بليخا .
وقال زهير بن محمد:هو رجل من الأندلس يقال له:ذو النور .
وزعم عبد الله بن لهيعة:أنه الخضر . وهو غريب جدا .
وقوله:( أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) أي:ارفع بصرك وانظر مد بصرك مما تقدر عليه ، فإنك لا يكل بصرك إلا وهو حاضر عندك .
وقال وهب بن منبه:امدد بصرك ، فلا يبلغ مداه حتى آتيك به .
فذكروا أنه أمره أن ينظر نحو اليمن التي فيها هذا العرش المطلوب ، ثم قام فتوضأ ، ودعا الله عز وجل .
قال مجاهد:قال:يا ذا الجلال والإكرام . وقال الزهري:قال:يا إلهنا وإله كل شيء ، إلها واحدا ، لا إله إلا أنت ، ائتني بعرشها . قال:فتمثل له بين يديه .
قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، ومحمد بن إسحاق ، وزهير بن محمد ، وغيرهم:لما دعا الله ، عز وجل ، وسأله أن يأتيه بعرش بلقيس - وكان في اليمن ، وسليمان عليه السلام ببيت المقدس - غاب السرير ، وغاص في الأرض ، ثم نبع من بين يدي سليمان ، عليه السلام .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، لم يشعر سليمان إلا وعرشها يحمل بين يديه . قال:وكان هذا الذي جاء به من عباد البحر ، فلما عاين سليمان وملؤه ذلك ، ورآه مستقرا عنده ( قال هذا من فضل ربي ) أي:هذا من نعم الله علي ( ليبلوني ) أي:ليختبرني ، ( أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ) ، كقوله ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ) [ فصلت:46] ، وكقوله ( ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ) [ الروم:44] .
وقوله:( ومن كفر فإن ربي غني كريم ) أي:هو غني عن العباد وعبادتهم ، ( كريم ) أي:كريم في نفسه ، وإن لم يعبده أحد ، فإن عظمته ليست مفتقرة إلى أحد ، وهذا كما قال موسى:( إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) [ إبراهيم:8] .
وفي صحيح مسلم:"يقول الله تعالى:يا عبادي لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئا . يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل منكم ، ما نقص ذلك من ملكي شيئا . يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم [ ثم أوفيكم إياها] فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ".