قال ابن عباس ، رضي الله عنهما ، في قوله:( أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ) أو لم نبين ، [ وكذا قال مجاهد والسدي ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:أو لم نبين] لهم أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم .
وقال أبو جعفر بن جرير في تفسيرها:يقول تعالى:أولم نبين للذين يستخلفون في الأرض من بعد إهلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها ، فساروا سيرتهم ، وعملوا أعمالهم ، وعتوا على ربهم:( أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ) يقول:أن لو نشاء فعلنا بهم كما فعلنا بمن قبلهم ، ( ونطبع على قلوبهم ) يقول:ونختم على قلوبهم ( فهم لا يسمعون ) موعظة ولا تذكيرا .
قلت:وهكذا قال تعالى:( أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ) [ طه:128] وقال تعالى:( أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون ) [ السجدة:29] وقال ( أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ) [ إبراهيم:44 ، 45] وقال تعالى:( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) [ مريم:98] أي:هل ترى لهم شخصا أو تسمع لهم صوتا ؟ وقال تعالى:( ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين ) [ الأنعام:6] وقال تعالى بعد ذكره إهلاك عاد:( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون ) [ الأحقاف:25 - 27] وقال تعالى:( وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير ) [ سبأ:45] وقال تعالى:( ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير ) [ الملك:18] وقال تعالى:( فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [ الحج:45 ، 46] وقال تعالى:( ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ) [ الأنعام:10] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على حلول نقمه بأعدائه ، وحصول نعمه لأوليائه ; ولهذا عقب ذلك بقوله ، وهو أصدق القائلين ورب العالمين: