المفردات:
أولم يهد للذين يرثون الأرض: أفلم يصنع الهداية لهم ؟!
يرثون الأرض من بعد أهلها: يخلفون من مضى قبلهم من الأمم المهلكة .
التفسير:
100-{أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون} .
القرآن كتاب الحياة يأخذ بيد المؤمنين إلى أسباب النصر والتمكين ويحذر الكافرين من بأس الله وعقوبته ،والقرآن هنا كالطبيب الذي يأسو جراح القلوب ،إنه أمام قوم قست قلوبهم من أهل مكة ،فهو يقول لهم ولأشباههم في كل زمان ومكان ما يأتي:
أو لم يتبين لهؤلاء الذين يعيشون على تلك الأرض التي ورثوها بعد أهلها المهلكين .
هؤلاء الذين سكنوا مساكن القوم الظالمين الذين هلكوا ،وورثوا أرضهم وديارهم وأموالهم .
ألم يهد لهم وينكشف لأبصارهم ،أو بصائرهم ،أن الله سبحانه وتعالى لو شاء لأخذهم بذنوبهم كما أخذ القوم الظالمين قبلهم بذنوبهم ؟
فما حجتهم على الله بعد أن صرف عنهم العذاب الذي بأشباههم من الأمم السابقة ،وبعد أن عافاهم من البلاء الانتقام الذي يستحقونه .
إنه لا حجة لهم على الله ،ولا فضل لهم في أن عافاهم من البلاء وصرف عنهم العذاب ؟
فما صرف الله عنهم العذاب إلا لمقام نبيه الكريم بينهم ،وقد وعده الله ألا يعذب قومه وهو بين ظهرانيهم .
قال تعالى:{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}( الأنفال: 33 ) .
{ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون} .
أي: أن العذاب إما أن يكون ظاهرا ملموسا ،وإما أن يكون خفيا باطنيا ،ومن هذا العذاب الخفي: البلاء الذي يغشى قلوب الظالمين فيحجب عنها الهدى فلا تهتدي إليه ،ويصرف عنها الخير ،فلا تعرف له وجها .
فهم لا يسمعون إنذارا ولا يتدبرون إرشادا ؛لأن آذان قلوبهم لم تتفتح لسماع القرآن وهدايته .
قال تعالى:{إذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا * وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ...}( الإسراء: 45 ،46 ) .