قال البخاري:( استجيبوا ) أجيبوا ، ( لما يحييكم ) لما يصلحكم . حدثنا إسحاق ، حدثنا روح ، حدثنا شعبة ، عن خبيب بن عبد الرحمن قال:سمعت حفص بن عاصم يحدث عن أبي سعيد بن المعلى قال:كنت أصلي ، فمر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاني فلم آته حتى صليت ، ثم أتيته فقال:ما منعك أن تأتيني ؟ ألم يقل الله:( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ثم قال:لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج ، فذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخرج ، فذكرت له ، وقال معاذ:حدثنا شعبة ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، سمع حفص بن عاصم ، سمع أبا سعيد رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا - وقال:هي ( الحمد لله رب العالمين ) السبع المثاني .
هذا لفظه بحروفه ، وقد تقدم الكلام على هذا الحديث بذكر طرقه في أول تفسير الفاتحة .
وقال مجاهد في قوله:( لما يحييكم ) قال:الحق .
وقال قتادة ( لما يحييكم ) قال:هو هذا القرآن ، فيه النجاة والتقاة والحياة .
وقال السدي:( لما يحييكم ) ففي الإسلام إحياؤهم بعد موتهم بالكفر .
وقال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير:( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) أي:للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل ، وقواكم بها بعد الضعف ، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم .
وقوله تعالى:( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) قال ابن عباس:يحول بين المؤمن وبين الكفر ، وبين الكافر وبين الإيمان .
رواه الحاكم في مستدركه موقوفا ، وقال:صحيح ولم يخرجاه ، ورواه ابن مردويه من وجه آخر مرفوعا ولا يصح لضعف إسناده ، والموقوف أصح . وكذا قال مجاهد ، وسعيد ، وعكرمة ، والضحاك ، وأبو صالح ، وعطية ، ومقاتل بن حيان ، والسدي .
وفي رواية عن مجاهد في قوله:( يحول بين المرء وقلبه ) حتى تركه لا يعقل .
وقال السدي:يحول بين الإنسان وقلبه ، فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه .
وقال قتادة هو كقوله:( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) [ ق:16] .
وقد وردت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يناسب هذه الآية .
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول:يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك . قال:فقلنا:يا رسول الله ، آمنا بك وبما جئت به ، فهل تخاف علينا ؟ قال:نعم ، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله تعالى يقلبها . .
وهكذا رواه الترمذي في "كتاب القدر "من جامعه ، عن هناد بن السري ، عن أبي معاوية محمد بن حازم الضرير ، عن الأعمش - واسمه سليمان بن مهران - عن أبي سفيان - واسمه طلحة بن نافع - عن أنس ثم قال:حسن . وهكذا روي عن غير واحد عن الأعمش ، رواه بعضهم عنه ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث أبي سفيان عن أنس أصح .
حديث آخر:قال عبد بن حميد في مسنده:حدثنا عبد الملك بن عمرو ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى ، عن بلال - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو:يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك . هذا حديث جيد الإسناد إلا أن فيه انقطاعا وهو مع ذلك على شرط أهل السنن ولم يخرجوه .
حديث آخر:وقال الإمام أحمد:حدثنا الوليد بن مسلم قال:سمعت ابن جابر يقول:حدثني بسر بن عبد الله الحضرمي:أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول:سمعت النواس بن سمعان الكلابي - رضي الله عنه - يقول:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن رب العالمين ، إذا شاء أن يقيمه أقامه ، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه . وكان يقول:يا مقلب القلوب ، ثبت قلوبنا على دينك . قال:والميزان بيد الرحمن يخفضه ويرفعه .
وهكذا رواه النسائي وابن ماجه ، من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر فذكر مثله .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا يونس ، حدثنا حماد بن زيد ، عن المعلى بن زياد ، عن الحسن ؛ أن عائشة قالت:دعوات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو بها:يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك . قالت:فقلت:يا رسول الله ، إنك تكثر تدعو بهذا الدعاء . فقال:إن قلب الآدمي بين إصبعين من أصابع الله ، فإذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا هاشم ، حدثنا عبد الحميد ، حدثني شهر ، سمعت أم سلمة تحدث:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر في دعائه يقول:اللهم يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك . قالت:فقلت يا رسول الله ، أوإن القلوب لتقلب ؟ قال:نعم ، ما خلق الله من بشر من بني آدم إلا أن قلبه بين إصبعين من أصابع الله - عز وجل - فإن شاء أقامه ، وإن شاء أزاغه . فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب . قالت:قلت:يا رسول الله ، ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي ؟ قال:بلى ، قولي:اللهم رب النبي محمد ، اغفر لي ذنبي ، وأذهب غيظ قلبي ، وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتني .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، أخبرني أبو هانئ ، أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي أنه سمع عبد الله بن عمرو ؛ أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن ، كقلب واحد يصرف كيف شاء . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:اللهم مصرف القلوب ، صرف قلوبنا إلى طاعتك .
انفرد بإخراجه مسلم عن البخاري ، فرواه مع النسائي من حديث حيوة بن شريح المصري ، به .