ثم أمر تعالى رسوله أن يتوعد من آثر أهله وقرابته وعشيرته على الله وعلى رسوله وجهاد في سبيله ، فقال:( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها ) أي:اكتسبتموها وحصلتموها ( وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها ) أي:تحبونها لطيبها وحسنها ، أي:إن كانت هذه الأشياء ( أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا ) أي:فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله بكم ؛ ولهذا قال:( حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )
وقال الإمام أحمد:حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ابن لهيعة عن زهرة بن معبد ، عن جده قال:كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال:والله لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه . فقال عمر:فأنت الآن والله أحب إلي من نفسي . فقال رسول الله:الآن يا عمر .
انفرد بإخراجه البخاري ، فرواه عن يحيى بن سليمان ، عن ابن وهب ، عن حيوة بن شريح ، عن أبي عقيل زهرة بن معبد ، أنه سمع جده عبد الله بن هشام ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا .
وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:والذي نفسي بيده ، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين .
وروى الإمام أحمد ، وأبو داود - واللفظ له - من حديث أبي عبد الرحمن الخراساني ، عن عطاء الخراساني ، عن نافع ، عن ابن عمر قال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم بأذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم .
وروى الإمام أحمد أيضا عن يزيد بن هارون ، عن أبي جناب ، عن شهر بن حوشب أنه سمع عبد الله بن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحو ذلك ، وهذا شاهد للذي قبله ، والله أعلم .