ثم قال [ الله] تعالى جل جلاله ، متوعدا لهؤلاء المنافقين على صنيعهم هذا:( فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون )
قال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس:الدنيا قليل ، فليضحكوا فيها ما شاءوا ، فإذا انقطعت الدنيا وصاروا إلى الله - عز وجل - استأنفوا بكاء لا ينقطع أبدا . وكذا قال أبو رزين ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن خثيم ، وعون العقيلي وزيد بن أسلم .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي:حدثنا عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش ، حدثنا محمد بن حميد عن ابن المبارك ، عن عمران بن زيد ، حدثنا يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:يا أيها الناس ، ابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا ، فإن أهل النار يبكون حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول ، حتى تنقطع الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون . فلو أن سفنا أزجيت فيها لجرت .
ورواه ابن ماجه من حديث الأعمش ، عن يزيد الرقاشي ، به .
وقال الحافظ أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا:حدثنا محمد بن العباس ، حدثنا حماد الجزري ، عن زيد بن رفيع ، رفعه قال:إن أهل النار إذا دخلوا النار بكوا الدموع زمانا ، ثم بكوا القيح زمانا ، قال:فتقول لهم الخزنة:يا معشر الأشقياء ، تركتم البكاء في الدار المرحوم فيها أهلها في الدنيا ، هل تجدون اليوم من تستغيثون به ؟ قال:فيرفعون أصواتهم:يا أهل الجنة ، يا معشر الآباء والأمهات والأولاد ، خرجنا من القبور عطاشا ، وكنا طول الموقف عطاشا ، ونحن اليوم عطاش ، فأفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ، فيدعون أربعين سنة لا يجيبهم ، ثم يجيبهم:( إنكم ماكثون ) [ الزخرف:77] فييأسون من كل خير .