ثم أخبر تعالى عن عاجل أمرهم وآجله من الضحك القليل ،والبكاء الطويل ،المؤدي إليه أعمالهم السيئة ،التي من جملتها ما ذكر من الفرح ،بقولهسبحانه:
/ [ 82]{ فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون 82}
{ فليضحكوا قليلا} أي ضحكا قليلا ،أو زمانا قليلا ،غايته مدة حياتهم{ وليبكوا كثيرا} أي بكاء ،أو زمانا كثيرا ،بعد الموت ،أبد الآباد ،{ جزاء بما كانوا يكسبون} أي بفرحهم بمخالفة الله ورسوله ،من الكفر والمعاصي العظائم .
لطائف
الأولى - سر إخراج حالهم الدنيويّ والأخرويّ على صيغة الأمر ،الدالة على تحتم وقوع المخبر به ،فإن أمر الآمر المطاع مما لا يكاد يتخلف عنه المأمور به .فإن قيل:إنهم ذكروا أنه يعبر عن الأمر بالخبر للمبالغة ،لاقتضائه تحقق المأمور به ،فالخبر آكد ،فما باله عكس هنا ؟ فالجواب:لا منافاة بينهما ،لأن لكل مقام مقالا ،والنكت لا تتزاحم ،فإذا عبر عن الأمر بالخبر ،لإفادة أن المأمور ،لشدة امتثاله ،كأنه وقع منه ذلك ،وتحقق قبل الأمر- كان أبلغ .وإذا عبر عن الخبر بالأمر كأنه لإفادة لزومه ووجوبه ،فكأنه مأمور به - أفاد ذلك مبالغة من جهة أخرى .
الثانية - الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل في قوله:{ بما كانوا يكسبون} دلالة على الاستمرار التجدديّ ما داموا في الدنيا .
الثالثة-{ جزاء} مفعول له للفعل الثاني .أي ليبكوا جزاء .أو مصدر حذف ناصبه .أي يجزون بما ذكر من البكاء الكثير جزاء .