القول في تأويل قوله تعالى:وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نـزعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:ولئن أذَقنا الإنسان منّا رخاء وسعةً في الرزق والعيش، فبسطنا عليه من الدنيا (33)،وهي "الرحمة "التي ذكرها تعالى ذكره في هذا الموضع، (ثم نـزعناها منه) ، يقول:ثم سلبناه ذلك، فأصابته مصائب أجاحته فذهبت به (34)، (إنه ليئوس كفور) ، يقول:يظل قَنِطًا من رحمة الله ، آيسًا من الخير.
* * *
وقوله:"يئوس "، "فعول "، من قول القائل:"يئس فلان من كذا ، فهو يئوس "، إذا كان ذلك صفة له. (35) .
وقوله:"كفور "، يقول:هو كفُور لمن أنعم عليه، قليل الشكر لربّه المتفضل عليه ، بما كان وَهَب له من نعمته. (36)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
18004- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج:(ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نـزعناها منه إنه ليئوس كفور) ، قال:يا ابن آدم ، إذا كانت بك نعمة من الله من السعة والأمن والعافية ، فكفور لما بك منها، وإذا نـزعت منك نبتغي قَدْعك وعقلك (37) فيئوس من روح الله، قنوطٌ من رحمته، كذلك المرء المنافق والكافر.
-------------------------
الهوامش:
(33) انظر تفسير "الذوق "فيما سلف ص:146 ، تعليق:6 ، والمراجع هناك .
(34) انظر تفسير "النزع "فيما سلف 12:437 / 13:17 .
(35) انظر تفسير "اليأس "فيما سلف 9:516 .
(36) انظر تفسير "الكفر "فيما سلف من فهارس اللغة ( كفر ) .
(37) في المطبوعة:"يبتغي لك فراغك ، فيؤوس . . . "، غير ما في المخطوطة ، وكان فيها هكذا:"يسعى فرعك وعقلك فيؤوس "، وصواب قراءتها ما أثبت . و "القدع ":الكف والمنع .